للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النكاح الذي كان عليها بخروجها عن ملك سيدها الذي زوجها، وسيأتي ذكر سبب نزول الآية إن شاء اللَّه، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد قرئ (المحصنات) بفتح الصاد وكسرها، فالفتح على أن الأزواج أحصنوهن، والكسر على أنهن أحصن فروجهن من غير أزواجهن أو أحصن أزواجهن. (١)

وقال السعدي: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} أي: ذوات الأزواج فإنه يحرم نكاحهن ما دمن في ذمة الزوج حتى تطلق وتنقضي عدتها {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: بالسبي، فإذا سبيت الكافرة ذات الزوج حلت للمسلمين بعد أن تستبرأ، وأما إذا بيعت الأمة المزوجة أو وهبت فإنه لا ينفسخ نكاحها لأن المالك الثاني نزل منزلة الأول ولقصة بريرة حين خيرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

٢ - وأما قوله {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} ففي محل نصب على العلة، أي: حرم عليكم ما حرم وأحل لكم ما أحل لأجل أن تبتغوا بأموالكم النساء اللاتي أحلهن اللَّه لكم، ولا تبتغوا بها الحرام، فتذهب حال كونكم: {مُحْصِنِينَ} أي: متعففين عن الزنا، {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: غير زانين، والسفاح: الزنا، وهو مأخوذ من سفح الماء أي: صبه وسيلانه، فكأنه سبحانه أمرهم بأن يطلبوا بأموالهم النساء على وجه النكاح، لا على وجه السفاح، وقيل: إن قوله {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} بدل من {مَا} في قوله {مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} أي: وأحل لكم الابتغاء بأموالكم والأول أولى، وأراد سبحانه بالأموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان الإماء. (٣)

وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبينوه، وهو أن اللَّه جل ثناؤه بين لعباده المحرمات بالنسب والصهر، ثم المحرمات من المحصنات من النساء، ثم


(١) فتح القدير ١/ ٦٧٧.
(٢) تفسير السعدي ١٧٣.
(٣) فتح القدير ١/ ٦٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>