العظيمة الخاصة بهن والعامة للأمة جميعًا، ولولا هذه القوة التي أمده اللَّه بها ما كان يدرك أن يتزوج بكل هذا العدد، أو يقوم بحقهن من الإحصان والعشرة.
ولو فرض أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج امرأة لمجرد قضاء الوطر من الشهوة والتمشي مع ما تقتضيه الفطرة بل الطبيعة لم يكن في ذلك قصور في مقام النبوة، ولا نقص في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: مالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين"، بل قد قال اللَّه له:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}(الأحزاب: ٥٢).
لكننا لا نعلم حتى الآن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج امرأة لمجرد قضاء الوطر من الشهوة، ولو كان كذلك لاختار الأبكار الباهرات جمالًا، الشابات سنًا، كما قال لجابر -رضي اللَّه عنه- حين أخبره أنه تزوج ثيبًا، قال:"فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك"؟ وفي رواية "تضاحكها وتضاحكك" وفي رواية "مالك وللعذارى ولعابها"، رواه البخاري، وإنما كان زواجه -صلى اللَّه عليه وسلم- إما تأليفًا، أو تشريفًا، أو جبرًا، أو مكافأة، أو غير ذلك من المقاصد العظيمة، وقد أجملها في فتح الباري (٩/ ١١٥) حيث قال: "والذي تحصل من كلام أهل العلم في الحكمة في استكثاره من النساء عشرة أوجه:
١ - أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك.
٢ - لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم.
٣ - الزيادة في تألفهم لذلك.
٤ - الزيادة في التكليف حيث كلف أن لا يشغله ما حبب إليه منهن عن المبالغة في التبليغ.
٥ - لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزداد أعوانه على من يحاربه.
٦ - نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.