للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذابًا شديدًا، فارتحلوا بنا من دارنا ونحن كنا بذي الخلصة وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلًا وحملوني على جمل ثقال شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل ولا يسقوني قطرة من ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائظون فنزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس حتى ذهب عقلي ومسمعي وبصري، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام فقالوا لي في اليوم الثالث اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا لكلمة بعد الكلمة فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد قالت: فواللَّه إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد إذ وجدت برد دلو على صدري فأخذته فشربت منه نفسًا واحدًا ثم انتزع مني، فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه، ثم ولي إلى ثانية فشربت منه نفسًا ثم رفع، فذهبت انظر فإذا هو بين السماء والأرض، ثم ولي إلى الثالثة فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت: فخرجوا فنظروا، فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة اللَّه؟ قالت: فقلت لهم إن عدوة اللَّه غيري من خالف دينه، وأما قولكم من أين هذا؟ فمن عند اللَّه رزقًا رزقنيه اللَّه، قالت: فانطلقوا سراعًا إلى قربهم وأدواهم فوجدوها موكأة لم تحل، فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضح بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإسلام، فأسلموا وهاجروا جميعًا إلى رسول اللَّه وكانوا يعرفون فضلي عليهم وما صنع اللَّه إلى، وهي التي وهبت نفسها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي من الأزد فعرضت نفسها على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت جميلة وقد أسنت، فقالت: إني أهب نفسي لك وأتصدق بها عليك فقبلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك: فأنا تلك فسماها اللَّه: " {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ. . .} فلما نزلت الآية قالت عائشة: إن اللَّه يسرع لك في هواك. (١)


(١) ضعيف جدًّا. أخرجه ابن سعد في الطبقات (٨/ ١٥٥)، وله أربع علل:
الأولى: الانقطاع، فإن منير بن عبد اللَّه معدود في طبقة أوساط التابعين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>