للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: "جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه هَلَكْتُ قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ". قَالَ: حَوَّلْتُ رَحْلِى اللَّيْلَةَ. قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شَيْئًا قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هَذِهِ الآيَةَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحِيضَةَ". (١)

وفي هذا الحديث دليل على حرمة الوطء في الدبر أيضًا وليس العكس، وليس فيه دليل على أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- نكح في الدبر، وذلك لما يلي:

١ - أن عمر -رضي اللَّه عنه- ما نكح في دبر زوجته؛ لأنهم كانوا يعلمون حرمة ذلك من القرآن ومن كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

٢ - أن عمر -رضي اللَّه عنه- ما نكح في دبر زوجته، بل حول كيفية الجماع، ولذلك قال: حولت رحلي الليلة. قال ابن الأثير في مادة رحل (٢): كنى برحله عن زوجته، أراد به غشيانها في قبلها من جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله، إما أن يريد به المنزل أو المأوى، وإما أن يريد به الرجل الذي تركب عليه الإبل وهو الكور. أهـ، ولذلك ظن -أي عمر- أنه خالف الشرع، فجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسأله عما وقع فيه.

وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر اللَّه إليه". (٣)


= تهذيب السنن (١/ ٣٠٨): وَهَذَا الَّذِي فَسَّرَ بِهِ ابْن عَبَّاس فَسَّرَ بِهِ ابْن عُمَر. وَإِنَّمَا وَهِمُوا عَلَيْهِ، ولَمْ يَهِم هُوَ. وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه.
(١) أخرجه الترمذي (٢٩٨٠)، والبيهقي (٧/ ١٩٨)، والنسائي (٨٩٧٧)، وأحمد (١/ ٢٩٧)، والطبري في تفسيره (٢/ ٣٩٧)، وابن حبان (٤٢٠٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٠٧/ ٨)، وصححه ابن حجر في الفتح (٨/ ٣٩)، وحسن إسناده الألباني في آداب الزفاف (ص ٣١).
(٢) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير في مادة رحل (٢/ ٢٠٩).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٢٧٢)، والبيهقي في الشعب (٤/ ٣٥٥)، والنسائي في الكبرى (٥/ ٣٢٢)، وصححه الألباني في المشكاة (٣١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>