للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرازي: لو تمكن الإنسان من تحصيل تلك اللذة بطريق لا تفضي إلى الولد لم تحصل الحكمة المطلوبة ولأدى ذلك إلى انقطاع النسل وذلك على خلاف حكم اللَّه فوجب الحكم بتحريمه قطعًا حتى تحصل تلك اللذة بالطريق المفضي إلى الولد. (١)

إن الشرع قد شرع شرائعه على قواعد وأسس منها كما في الآية: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: ١٩٥)، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا ضرر ولا ضرار" (٢)، ومن المعلوم كما أثبت أهل الطب أن وطء المرأة في دبرها يضر بالرجل والمرأة ويوقعهما في التهلكة ولذا حرم اللَّه تعالى الوطء في الدبر، وإليك بيان ذلك:

قال ابن القيم: "عن الوطء في الدبر" فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل "أي الوطء" ولم يخلق له وإنما هيئ له الفرج.

وقال أيضًا: فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم لأن الفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي. وأيضًا فإنه يحدث الهم والغم والنفره عن الفاعل والمفعول.

وأيضًا فإنه يضر من وجه آخر، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدًا لمخالفته للطبيعة. (٣)

وقد أثبت الطب الحديث صحة ما ذهب إليه ابن القيم حيث بين د/ محمد عبد الحميد شاهين أستاذ الفقاريات وعلم الأجنة المساعد بقسم العلوم البيولوجية كلية التربية بجامعة عين شمس في بحثه حول العلاقة الجنسية بين الإسلام والطب دراسة نسيجية مقارنة بين المهبل والشرج: أن التركيب لكل من المهبل وقناة الشرج مرتبط ارتباطا كليًا بالوظيفة المنوط به القيام بها، فبطانة المهبل تختلف عن بطانة الشرج والوسط الحامضي


(١) تفسير الفخر الرازي (١٤/ ١٦٩).
(٢) رواه أحمد في المسند ١/ ٣١٣، وصححه الألباني كما في الإرواء حديث (٨٩٦).
(٣) زاد المعاد (٤/ ٢٦٣) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>