للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - كرم الإسلام المرأة وذكر لها حقوقها فحرم وطئها في دبرها: لقد كرم الإسلام المرأة أعظم تكريم بعد ما كانت مهانة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام رفع شأنها وأعلى قدرها، فكرمها في جميع حياتها وأطوارها وهي بنت وهي زوجة، وهي أم، وكان لها حقوق كثيرة وهي زوجة مذكورة في القرآن وفي سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان من حقوقها على زوجها مسألة الجماع أو الوطء، وكان لها حق في أن تتمتع بهذا الأمر، ولذا إذا وطئت المرأة في دبرها كان في ذلك فواتًا لحقها الذي شرعه اللَّه تبارك وتعالى فكيف يشرع الإسلام وطء المرأة في دبرها الذي يضيع حق المرأة ويفوت عليها لذتها؟ ، وهذا من تكريم الإسلام للمرأة لأنه إذا أبيح للرجل الوطء في الدبر فإن في هذا قضاء لشهوته وحرمان المرأة من حقها في الاستمتاع وفي هذا ضرر بها من وجهين:

أحدهما: تحريك باعث الشهوة فيها من غير أن تنال شيئًا من حقها في الاستمتاع وفي هذا ضرر بها.

الثاني: إن وطء المرأة في دبرها يضر بها في صحتها مع عدم منفعتها منه بشيء. (١)

من مقاصد النكاح النسل والنسل من غير وطء في القبل لا يكون فلا يأتي من الوطء في الدبر. (٢)

إن النكاح في الشرع الإسلامي له مقاصد عديدة منها النسل وقد حثنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإكثار من النسل كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره عن أنس مرفوعًا "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". (٣)

ومن هنا لا يتأتى الإكثار من النسل بالوطء في الدبر بل يكون في القبل لذا شرع الإسلام القبل الذي يكون منه النسل، وحرم الدبر الذي لا يكون منه النسل بل منه الأذى والضرر.


(١) المدخل لابن الحاج (٢/ ١٩٤)، وانظر: مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية السنة السادسة عشر العدد السابع والأربعون.
(٢) بتصرف من زاد المعاد لابن القيم (٤/ ٢٦٢)، والمجموع للنووي (١٦/ ٢٤٠)، ومجلة الشريعة والدراسات الإسلامية السنة السادسة عشر العدد السابع والأربعون.
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ١٥٨، ٢٤٥)، وسعيد بن منصور (٤٩٠)، وابن حبان (٤٠٢٨)، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٤٧٤)، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل (١٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>