للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضع الطبيعي إلى الشذوذ. (١)

وبعد؛ فلقد سد الإسلام كل المنافذ التي تجعل الرجل ينحرف جنسيًا حفاظًا على صحته ونسله؛ لذا حرم وطء المرأة في دبرها، وقد جاء النهي صراحة في السنة النبوية -كما فصلنا قبل ذلك- علاوة على الأمراض التي تصيب الرجل والمرأة على حد سواء، فالتوازن الذي أوجده اللَّه تعالى في جسم الإنسان بين الأجهزة المختلفة ووظيفة كل جهاز والملائمة بين الوظيفة والتركيب ليس عشوائيًا؛ إنما كل عضو له تركيب نسيجي معين مرتبط بوظيفة معينة، فما بالنا أبعد ما نكون عن فهم هذا التوازن في جسم الإنسان خاصة في عصرنا الحالي! ! . (٢)

ولهذه العلل وهذه القواعد حرم الإسلام الدبر، وهذا التحريم موافق للمنقول والمعقول وقواعد الشريعة التي جاءت بإزالة الضرر وتقليله؛ حيث أثبت الطب أن الوطء في الدبر يكون سببًا في أمراض خبيثة منهكة كما ذكرنا.

وقد يحتج أصحاب هذه الشبهة بما ورد عن ابن عمر في المسألة. فقد روى نافع عنه: أنه كان -رضي اللَّه عنه- إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ: تَدْرِى فِيمَا أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ لَا. قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ مَضَى. (٣)

وعنه أيضًا قال: كنت أمسك على ابن عمر رضي اللَّه عنهما المصحف إذ تلا هذه الآية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، فقال: أن يأتيها في دبرها. (٤)

وعن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر رضي اللَّه عنهما أنه -يعني عن الوطء في الدبر- فقال: لا بأس به. (٥)


(١) الطب النبوي والعلم الحديث د. محمد ناظم النسيمي (٢/ ١٢٣) نقلًا من مجلة الشريعة المصدر السابق.
(٢) مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية السنة السادسة عشر العدد السابع والأربعين.
(٣) البخاري (٤٥٢٦).
(٤) الطبري في التفسير (٢/ ٣٩٤).
(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٤١)، والنسائي (٧٩، ٨٩) =

<<  <  ج: ص:  >  >>