للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرد على ذلك بما يلى:

١ - ذهب بعض العلماء إلى القول بوهم النقلة عن ابن عمر ونفي الوهم عنه كما قال ابن القيم، ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة، فغلط عليهم الغالط أقبح غلط وأفحشه اهـ. (١)

قلت: وقد ذكر ذلك نافع كما في الرواية التي سنذكرها الآن.

قال ابن حجاج: وأما ما حكي أن قومًا من السلف أجازوا ذلك فلا يصلح مع ما ذكره من إضافته إليهم بل يحمل على سوء ضبط النقلة والاشتباه عليهم فإن الدبر اسم للظهر؛ قال تعالى: {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} وقال: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} أي ظهره والمرأة تؤتى من قبل ومن دبر أي، أنها تؤتى من جهة الظهر في قبلها. (٢)

٢ - ثبت عن ابن عمر خلاف ذلك حيث قطع بالتحريم وهو الأولى أن يقدم في المسألة:

فعن أبي النضر أنه قال لنافع: قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن! قال نافع: لقد كذبوا علي؛ ولكن سأخبرك كيف كان الأمر؛ إن ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يا نافع، هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا فإذا هن قد


= بلفظ عن عبد الرحمن بن القاسم قال: قلت لمالك: إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض لهن؟ قال وما التحميض؟ قال: نأتيهن في أدبارهن. قال: أو يفعل هذا مسلم! ! قال لي مالك: فأشهد على ربيعة فحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه قال: لا بأس به، قال الحافظ في الفتح (٨/ ١٩٠)، ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق عبد الرحمن القاسم وقال: هذا محفوظ عن مالك صحيح.
(١) زاد المعاد (٤/ ٢٣٣).
(٢) المدخل لابن الحاج (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>