للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل اللَّه {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. (١)

قال ابن القيم: فهذا هو الثابت عن ابن عمر، ولم يفهم عنه من نقل عنه غير ذلك. (٢)

قلت: وفي هذا تصريح من نافع أنه نفى أنه روى عن ابن عمر بجواز الإتيان في الدبر وهو الأولى أن يقدم في هذه المسألة، ووضح من هذا أيضًا ما جاء عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض لهن, قال: وما التحميض؟ قال: نأتيهن في أدبارهن! قال: أف أويفعل هذا مسلم! ! ! . (٣)

قال ابن القيم: فقد صح عن ابن عمر أنه فسر الإتيان في الفرج من ناحية الدبر، وهو الذي رواه عنه نافع وأخطأ من أخطأ على نافع فتوهم أن الدبر محل الوطء لا طريقًا إلى وطء الفرج فكذبهم نافع، وأيضًا إنه إن كان قد حفظ عن ابن عمر أنه رخص في الإحماض للجواري؛ فإنما مراده إتيانهن من طريق الدبر، فإنه قد صرح في الرواية الأخرى بالإنكار على من وطأهن في الدبر وقال أو يفعل هذا مسلم؟ فهذا يبين تصادق الروايات وتوافقها عنه.

ثم قال: فوقع الاشتباه في كون الدبر طريقًا إلى موضع الوطء أو هو مأتى، واشتبه على من اشتبه عليه "من" بمعنى "في" فوقع الوهم. (٤)

ولو سلمنا جدلًا أن ابن عمر قد ثبت عنه الجواز ولم يثبت عنه التحريم ما قبل رأيه؛ لأنه مخالف لكلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مقدم لأنه الأصل -على كلام الصحابة- فقد يتكلم الصحابب بكلام خلاف كلام النبي وهذا ليس لكونه يعارض كلام النبي، كلا وإنما لأن كلام


(١) النسائي (٨٩٧٨)، واستشهد بها ابن القيم في كتابه التهذيب قال: وهذا هو الثابت عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه-.
(٢) تهذيب معالم السنن (٦/ ١٤١).
(٣) أخرجه النسائي (٨٩٧٩)، والدارمي (١١٤٣)، الطبري في تفسيره (٢/ ٣٩٤)، وصحح إسناده الألباني في آداب الزفاف (٢٩).
(٤) تهذيب مختصر سنن أبي داود، ومعالم السنن لابن القيم (٩/ ١٤١، ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>