للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشارت الآية الكريمة إلى من يحرمن حرمة مؤقتة، وذكرت نوعين:

الجمع بين الأختين لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}، وألحقت السنة المطهرة الجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها زيادة على الجمع بين الأختين، كما روى أبو هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها". (١)

قال محمد بن الحسن: وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.

زوجة الغير أو معتدته رعايةً لحق الزوج، لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} أي: المتزوجات من النساء، والمعتدة حكمها حكم المتزوجة ما دامت في العدة. (٢)

فانظر أيها القارئ في هذه الآية وهي صريحة في التحريم، فكيف يقال إنها تدل على الحل كما زعم صاحب الشبهة؟ ! وهنا ضابط لا بد من معرفته للتفريق بين كلام اللَّه وكلام المفسرين، فإذا كان الكلام في كتب التفسير فلا يقال القرآن أحل كذا وكذا، إنما يقال: فلان يستنبط حِلَّ كذا وكذا من آية كذا، وهذا عندنا يعني أنه بشر يُقبل منه ويُردُّ عليه.

أما القرآن فهو حق كله، ولذا فنحن نقول هذا تفسير للقرآن، ولا نقول هذا هو القرآن، بخلاف ما عليه النصارى مثلًا من كونهم يقولون ويكتبون -الكتاب المقدس أو العهد الجديد- وما هو إلا ترجمة من ترجماته؛ فإن كان الكاتب يتعامل مع المسلمين كما تعاملوا هم مع كتابهم فنقول له: لا، وليس الأمر كذلك، إنما هذا تفسير للقرآن قد يصيب قائله وقد يخطئ.

ولقد اختار الكاتب مفسرًا نسب إليه هذا الكلام وهو الإمام القرطبي، فما الرأي لو قرأنا معًا شيئًا من كلام القرطبي لنتعلم معًا الأمانة في النقل والصدق في الحديث.

قال رحمه اللَّه:


(١) صحيح مسلم (١٤٠٨).
(٢) روائع البيان للصابوني (١/ ٤٤٤)، وانظر تفسير القرطبي، والرازي، وابن كثير، وأبي حيان الأندلسي، والمراغي، والمنار، والشنقيطي، والبقاعي، وصديق حسن خان، وغيرهم عند تفسير الآية [٢٢، ٢٣، ٢٤ من سورة النساء].

<<  <  ج: ص:  >  >>