للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، يقال: كان الناس يتزوجون امرأة الأب برضاها بعد نزول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} حتى نزلت هذه الآية: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فصار حرامًا في الأحوال كلها؛ لأن النكاح يقع على الجماع والتزوج، فإن كان الأب تزوج امرأة أووطئها بغير زواج حرمت على ابنه. . . ثم قال رحمه اللَّه بعد أن ذكر شيئًا من زواج العرب لحلائل الآباء: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} عقب بالذم البالغ التتابع، وذلك دليل على أنه فعل انتهى من القبح إلى الغاية. . . (١)

ثم قال: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} أي: نكاح أمهاتكم ونكاح بناتكم، فذكر اللَّه -تعالى- في هذه الآية ما يحل من النساء، وما يحرم كما ذكر تحريم حليلة الأب، فحرم اللَّه سبعًا من النسب وستًا من رضاع وصهر، وألحقت السنة المتواترة سابعة وهي الجمع بين المرأة وعمتها ونص عليه الإجماع، ثم سرد المحرمات على النحو السابق، ثم قال: قال الطحاوي: وكل هذا من المحكم المتفق عليه وغير جائز نكاح واحدة منهن بإجماع إلا أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن؟ فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم، وبهذا قول جميع أئمة الفتوى بالأمصار، وقالت طائفة من السلف: الأم والربيبة سواء لا تحرم منهما واحدة إلا بالدخول بالأخرى، قالوا: ومعنى قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} أي: اللاتي بهن دخلتم، ثم قال: وقول الجمهور مخالف لهذا وعليه الحكم والفتيا، وقد شدد أهل العراق في ذلك، وقالوا: لو وطئها بزنا أو قبلها أو لمسها بشهوة حرمت عليه ابنتها، وعندنا وعند الشافعي إنما تحرم بالنكاح الصحيح، والحرام لا يحرم الحلال، ثم قال: قوله تعالى:


(١) تفسير القرطبي (٥/ ٩٩) بتصرف. قلت: فانظر إلى قوله: فصار حرامًا في الأحوال كلها، ولقوله: حرمت على ابنه، فهل هذا يفيد التحليل؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>