للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأُمَّهَاتُكُمُ} تحريم الأمهات عام في كل حال لا يتخصص بوجه من الوجوه، ولهذا يسميه أهل العلم المبهم أي لا باب فيه، ولا طريق إليه لانسداد التحريم فيه، وكذلك تحريم البنات والأخوات، ومن ذكر من المحرمات ثم قال أيضًا: أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء، وما عقد عليه الأبناء على الآباء؛ كان مع العقد وطء أو لم يكن لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، ولقوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}، فإن نكح أحدهما نكاحًا فاسدًا حرم على الآخر العقد عليها كما يحرم بالصحيح.

ونقل عن ابن المنذر: إجماع علماء الأمصار على أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده وولد ولده، وقال أيضًا: قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} عطف على المحرمات والمذكورات قبل. (١)

فهذه مقتطفات من كلام القرطبي -رحمه اللَّه- على الآية، وليس فيها ما يدل على جواز نكاح المحرمات كما زعم الزاعم، وبمثل ما قاله في هذه المسألة قال غيره من أهل العلم، ومن ذلك ما يلي:

قال الطبرى: فكل هؤلاء اللواتي سماهن اللَّه -تعالى- وبَيَّنَ تحريمهن في هذه الآية محرمات، غير جائز نكاحهن لمن حرم اللَّه ذلك عليه من الرجال بإجماع جميع الأمة، لا


(١) المصدر السابق، وقال ابن المنذر: وأجمعوا على تحريم أن ينكح الرجل أمه، وأجمعوا على أن الرجل إذا تزوج المرأة حرمت على أبيه وابنه دخل بها، أو لم يدخل بها، وعلى أجداده وعلى ولده من الذكور والإناث أبدًا ما تناسلوا لا تحل لبني من بنيه ولا لبني من بناته، ولم يذكر اللَّه في الآيتين دخولًا، والرضاع بمنزلة النسب. وأجمعوا على أن الرجل إذا وطئ نكاحًا فاسذا أنها تحرم على ابنه، وأبيه، وعلى أجداده، وولد ولده. وأجمعوا على أن عقد نكاح الأختين في عقد واحد لا يجوز، وأجمعوا على ألا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى، وأجمعوا على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وأجمعوا على أن البكر التي لم تنكح ثم نزل بها لبن فأرضعت به مولودًا أنه ابنها ولا أب له من الرضاعة. اهـ الإجماع لابن المنذر صـ (٧٥ - ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>