للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه.

ثم قال: وأما قوله: ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، وكذلك في المرأة مع المرأة فهو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل.

وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان، وهذا متفق عليه. (١)

قلت: فهذا واضح في تحريم لمس المرأة عورة المرأة الأخرى فيكون أولى من هذا وأشد في الحرمة فاحشة السحاق.

أما عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها. (٢) فلا يدل معناه على حل السِّحاق.

قال المناوي في فيض القدير: (لا تباشر) خبر بمعنى النهي (المرأةُ المرأةَ)، زاد النسائي (في الثوب الواحد): أي لا تمس امرأة بشرة أخرى ولا تنظر إليها، فالمباشرة كناية عن النظر، إذ أصلها التقاء البشرتين، فاستعير إلى النظر إلى البشرة يعني لا تنظر إلى بشرتها.

(فتنعتها) أي تصف ما رأت من حسن بشرتها وهو عطف على تباشر، (لزوجها كأنه ينظر إليها) فيتعلق قلبه بها فتقع بذلك فتنةٌ، والنهي منصب على المباشرة والنعت معًا فتجوز المباشرة بغير توصيف، قال القابسي: هذا الحديث أصل لمالك في سد الذرائع فإن حكمة النهي خوف أن يعجب الزوجَ الوصفُ فيفضي إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة. (٣)

وفي عون المعبود قال: والمباشرة بمعنى المخالطة والملامسة، وأصله من لمس البشرة البشرة، والبشرة ظاهر جلد الإنسان، (لتنعتها): وفي رواية البخاري (فتنعتها) أي فتصف نعومة بدنها ولين جسدها (كأنما ينظر إليها): فيتعلق قلبه بها ويقع بذلك فتنة. والمنهي في


(١) شرح صحيح مسلم للنووي ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧.
(٢) البخاري (٥٢٤٠)، وفي مسند أحمد (١/ ٣٨٧)، وانظر: معنى المباشرة أيضًا في شبهة "مباشرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو صائم"، ومباشرة الرجل زوجته في الحيض.
(٣) فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (٦/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>