ولا يخاف خوف السر إلا من الله، ومعنى خوف السر، هو أن يخاف العبد من غير الله تعالى أن يصيبه مكروه بمشيئته وقدرته وإن لم يباشره فهذا شرك أكبر؛ لأنه اعتقاد للنفع والضر في غير الله والله تعالى يقول:{فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(النحل: ٥١)، وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)} (يونس: ١٠٧).
وكذلك لا ينبغي أن يرجى إلا الله، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)} (فاطر: ٢)، فلا يدعى الأموات أو غيرهم رجاء حصول مطلوب من جهتهم فهذا شرك أكبر، قال تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} (فاطر: ١٤) ولا يدعو إلا الله، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} (الجن: ١٨)، وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣)} " (الشعراء: ٢١٣)، سواء أكان دعاء عبادة أو دعاء مسألة (١)، كذلك المحبة فمن أشرك بين الله تعالى وبين غيره في المحبة التي لا تصلح إلا لله فهو مشرك، كما قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} إلى قوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}(البقرة: ١٦٥: ١٦٧).
وكذلك الصلاة والركوع والسجود، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} (الكوثر: ٢).
وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ}(الحج: ٧٧).
وكذلك الذبح، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ} (الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣)، وكذلك الطواف، فلا يطاف إلا ببيت الله تعالى، قال تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}(الحج: ٢٩)، وكذلك التوبة، فلا يتاب إلا إلى