للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنظر للمولود من والديه أن يكونا يريان أن فصاله قبل الحولين خير له من إتمام الرضاع له لعلة تكون به أو بمرضعته وأنه لا يقبل رضاع غيرها أو ما أشبه هذا.

وما جعل اللَّه تعالى له غاية بالحكم بعد مضى الغاية فيه غيره قبل مضيها.

فإن قال قائل وما ذلك؟ قيل قال اللَّه تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} الآية فكان لهم أن يقصروا مسافرين وكان في شرط القصر لهم بحال موصوفة دليل على أن حكمهم في غير ذلك الصفة غير القصر.

وقال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} فكن إذا مضت الثلاثة أقراء فحكمهن بعد مضيها غير حكمهن فيها. (١)

قلت: وقد استشهد البخاري بالآية لتكون دليلًا على أنه لا رضاع بعد حولين حيث وضع بابًا في كتاب النكاح أسماه. باب (من قال لا رضاع بعد حولين لقوله تعالى {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} ثم ذكر حديث عائشة رضي اللَّه عنها "إنما الرضاعة من المجاعة" (٢).

في آية {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} ما يدل أيضًا أن رضاع الكبير لا يُحرِّم.

قال ابن القيم: قَالُوا: وَهَذِهِ مُدّةُ الثّدْي الّذِي قَالَ فِيهَا: لَا رَضَاعَ إلّا مَا كَانَ فِي الثّدْي أَيْ فِي زَمَنِ الثّدْي، وَهَذِهِ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَإِنّ الْعَرَبَ يَقُوُلونَ فُلَانٌ مَاتَ فِي الثّدْي أَيْ فِي زَمَنِ الرّضَاعِ قَبْلَ الْفِطَامِ وَمنْهُ الْحَدِيثُ الذي رواه مسلم "إنّ إبْرَاهِيمَ مَاتَ


(١) الأم للشافعي (٥/ ٢٨).
(٢) البخاري مع الفتح (٩/ ٥٠)، وسيأتي الكلام على إشكالهم وهو لماذا وضع البخاري الرضاع تحت كتاب النكاح؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>