للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: وَلَوْ كَانَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ مُحَرّمًا لمَا قَالَ النّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَائِشَةَ - وَقَدْ تَغَيّرَ وَجْهُهُ وَكَرِهَ دُخُولَ أَخِيهَا مِنْ الرّضَاعَةِ عَلَيْهَا لَمّا رَآهُ كَبِيرًا: "انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنّ"، فَلَوْ حَرّمَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصّغِيرِ وَلمَا كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنّ"، ثُمّ قَالَ "فَإِنّمَا الرّضَاعَةُ مِنْ المَجَاعَةِ وَتَحْتَ هَذَا مِنْ المَعْنَى خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ ارْتَضَعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الرّضَاعِ وَهُوَ زَمَنُ المَجَاعَةِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَلَا يَكُونُ أَخًا. (١)

قال أبو عبيد: قوله "إنما الرضاعة من المجاعة"

يقول: إن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن إنما هو الصبي الرضيع، فأما الذي يشبعه من جوعه الطعام فإن أرضعتموه فليس ذلك برضاع. (٢)

١ - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ في الثدي وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ". (٣)

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين.

٢ - عن ابن عمر أنه قال "لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير". (٤)


(١) زاد المعاد لابن القيم (٥/ ٥٨٠).
(٢) غريب الحديث لأبي عبيد الهروي (١/ ٢٨٧).
(٣) أخرجه الترمذي (١٦٦٢)، وابن حبان (٤٢٢٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٨٨)، والنسائي (٥٤٦٥)، وذكره ابن حجر في فتح الباري وأقر الترمذي وابن حبان على تصحيحهما (٩/ ٥٢)، وقد أعل ابن حزم هذا الحديث بالانقطاع من أجل فاطمة بنت المنذر لقيت أم سلمة صغيرًا (١٠/ ٢١).
قال ابن القيم في زاد المعاد (٥/ ٥٩٠): فَلَا يَلْزَمُ انْقِطَاعُ الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِ أَنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَقِيَتْ أُمّ سَلَمَةَ صَغِيرَةً فَقَدْ يَعْقِلُ الصّغِيرُ جِدًّا أَشْيَاءَ وَيَحْفَظُهَا وَقَدْ عَقَلَ مَحْمُودُ بْنُ الرّبِيعِ الْمَجّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ كما في حديث البخاري وَيَعْقِلُ أَصْغَرُ مِنْهُ. وَقَدْ قُلْتُمْ إنّ فَاطِمَةَ كَانَتْ وَقْتَ وَفَاةِ أُمّ سَلَمَةَ بِنْتَ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً على أقل تقدير وَهَذَا سِنّ جَيّدٌ. اهـ، وصححه الألباني في الإرواء حديث (٢١٥٠).
(٤) صحيح. أخرجه مالك في الموطأ حديث (١٣٩٤) وعنه عبد الرزاق في مصنفه (١٣٩٠٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٤٦١)، وابن أبي شيبه (٣/ ٣٨٩)، وسعيد بن منصور في سننه (٩٨٥)، والشافعي في (الأم) (٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>