للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يلزم من القول بالرخصة لمن كانت له حاجة في إرضاع الكبير أن يرضع من الثدي مباشرة، فإن هذا لم يحدث مع سهلة.

قال ابن عبد البر: هكذا إرضاع الكبير كما ذكر يحلب له اللبن ويسقاه وأما أن تلقمه المرأة ثديها كما تصنع بالطفل فلا، لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء. (١)

قال النووي: قال القاضي: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما، وهذا الذي قاله القاضي حسين، ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر. (٢)

ثم إن النص لم يصرح بأن الرضاع كان بملامسة الثدي، وسياق الحديث متعلق بالحرج من الدخول على بيت أبي حذيفة فكيف يرضى بالرضاع المباشر؟

قال ابن قتيبة: وقد كان سالم يدخل عليها وترى هي الكراهة في وجه أبي حذيفة، ولولا أن الدخول كان جائزًا ما دخل عليها، ولكان أبو حذيفة ينهاه، فأراد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بمحلها عنده وما أحب من ائتلافها ونفي الوحشة عنها - أن يزيل عن أبي حذيفة هذه الكراهة ويطيب نفسه بدخوله، فقال لها: "أرضعيه". (٣)

ولم يرد ضعي ثديك في فيه كما يُفعل بالأطفال، ولكن أراد احلبي له من لبنك شيئًا ثم ادفعيه إليه ليشربه. ليس يجوز غير هذا؛ لأنه لا يحل لسالم أن ينظر إلى ثديها إلى أن يقع الرضاع، فكيف يبيح له مما لا يحل له وما لا يؤمن معه من الشهوة، ومما يدل على هذا التأويل أيضًا أنها قالت: يا رسول اللَّه أرضعه وهو كبير، فضحك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: ألست أعلم أنه كبير، وضحكه في هذا الموضع دليل على أنه تلطف بهذا الرضاع لما أراد من


(١) التمهيد لابن عبد البر ٨/ ٢٥٧.
(٢) النووي على شرح صحيح مسلم ٥/ ٢٨٩.
(٣) راجع نص الحديث مرة أخرى ليتبين لك الحق إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>