للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفلا ترون معي أن ما تأخذه البنت من تركة أبيها يبقى مدخرًا لها لأيام النكبات، وفقد المعيل من زوج، أو أب، أو أخ، أو قريب، بينما يكون ما يأخذه الابن معرضًا للاستهلاك لمواجهة أعبائه المالية التي لابدَّ له من القيام بها؟

لقد وجهت مرة هذا السؤال إلى طلابي في الحقوق -وفيهم فتيان وفتيات- وأردفته بسؤال آخر:

هل ترون مع ذلك أن الإسلام ظلم المرأة في الميراث أو انتقصها حقها أو نقص من كرامتها؟

أما الطلاب فقد أجابوا بلسان واحد: لقد حابى الإسلام المرأة على حسابنا نحن الرجال (١)! وأما الفتيات فقد سكتن، ومنهن من اعترفن بأن الإسلام كان منصفًا كل الإنصاف حين أعطى الأنثى نصف نصيب الذكر.

إن الشرائع التي تعطي المرأة في الميراث مثل نصيب الرجل ألزمتها بأعباء مثل أعبائه وواجبات مالية مثل واجباته، لا جرم إن كان إعطاؤها مثل نصيبه في الميراث في هذه الحالة أمرًا منطقيًا ومعقولًا، أما أن نعفي المرأة من كل عبء مالي ومن كل سعي للإنفاق على نفسها وعلى أولادها ونلزم الرجل وحده بذلك ثم نعطيها مثل نصيبه في الميراث فهذا ليس أمرًا منطقيًا في شريعة العدالة.

وقد يقال: لِم لَم يلزم الإسلام المرأة بالعمل ويكلفها من الأعباء بمثل ما كلف الرجل؟ وجوابنا على هذا سنسمعه في آخر هذه الأبحاث حين نناقش هذا الموضوع: هل من مصلحة الأسرة والمجتمع أن تكلف المرأة بالعمل لتنفق على نفسها، أو تسهم في الإنفاق على نفسها، وعلى أولادها؟ أم أن تتفرغ لشئون بيتها وأولادها؟ (٢)

وحسبنا أن نقول الآن: أنه لا مجال للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث إلا بعد مطالبتها بمساواته في الأعباء والواجبات. . إنها فلسفة متكاملة، فلابدَّ من الأخذ بها


(١) الإسلام لا يحابي المرأة على الرجل، ولا الرجل على المرأة، لأنه شريعة العدل وشريعة الإنصاف.
(٢) راجع شبهة عمل المرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>