كلها أو تركها كلها. . أما نحن كمسلمين فنرى أن فلسفة الإسلام في ذلك أصح وأكثر منطقية وأحرص على مصلحة الأسرة والمجتمع والمرأة ذاتها. .
وقبل أن أنتقل من بحث هذا الموضوع أرى من المفيد أن أتعرض لفائدتين تاريخيتين:
الأولى: أن نصارى جبل لبنان في عهد الحكم العثماني كان من أسباب نقمتهم عليه أنه أراد أن يطبق عليهم أحكام الشريعة الإسلامية، فيما يتعلق بالميراث فقد غضبوا؛ لأن الشريعة تعطي البنت نصيبًا من الميراث يعادل نصف نصيب أخيها، وليس من عادتهم توريثها؛ لأن ما تأخذه من المال يذهب إلى زوجها، وقد ذكر هذا الأب بولس سعد في مقدمة كتابه: مختصر الشريعة للمطران عبد اللَّه قرا علي، وإليكم نص عبارته: جاء في الرسالة التي أنفذها البطريرك يوسف حبيش إلى رئيس مجمع نشر الإيمان المقدس في ٢٩ أيلول (١٨٤٠) ما يلي: وأما الآن فمن حيث أن القضاة أخذوا يمشون كلشى (كل شيء) في الجبل على موجب الشرائع الإسلامية فصار عمال يقع السجن والاضطهاد من هذا التغيير وبالأخص من جهة توريث البنات؛ لأن الشرائع الإسلامية تحدد أن كل بنتين ترثان بقدر ما يرث صبي واحد، ومن هنا واقع خصومات ومنازعات وشرور متفاقمة واضطرابات من حيث إن العادة السابقة كانت سالكة في هذا الجبل عند الجمهور أغنياء وفقراء بأن الابنة ليس لها إلا جهاز معلوم بقيمة المثل من والديها، إلا إذا هم أوصوا بشيء خصوصي.
ومن سلوك القضاة الآن بخلاف ذلك صار الوالدان في اختباط حال جسيمة مضر بالأنفس والأجساد، من حيث إن الآباء لا يرتضون بتوريث بناتهم حسب وضع الشريعة الإسلامية حذرًا من تبذير أرزاقهم وخراب بيوتهم، ولذلك فيحتالون بأيام حياتهم أن يعطوا أرزاقهم لأولادهم الذكور بضروب الهبة والتمليك ليمنعوا عنهم دعوى البنات بعد موتهم.
ثم يقول البطريرك المذكور بعد أن شرح ما لحق الآباء من الضرر في هبة أموالهم لأولادهم الذكور: ومن حيث إن الشرور الناتجة من هذا النوع هي أثقل من باقي الأنواع كما لخصناه أعلاه، فمستبين لنا ضروريًا أن نسعى بترجيع توريث البنات والنساء للعادة