للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يقوم به من نشاط عبادي، ليس عن تقصير، ولكن عن إلزام من الإله المعبود. والحديث هنا يستدل على النقص بأمرٍ كتبه اللَّه على المرأة وهو اجتناب الصلاة والصيام في أيام معدودات. على أن هذا النوع من النقص -أي: نقص ما افترضه اللَّه على المرأة- قد يثمر نقصًا في تقواها للَّه، وهذا يعني: أنه أمر يحتمل وقوعه من بعض النساء لا من جميعهن (١).

يقول الدكتور/ محمد سعيد رمضان البوطي (٢): إن نقص الدين قد يطلق ويراد به قلة التكليفات السلوكية، لسبب ما، ولاشك أنها ليست مسئولية المكلف، أيًّا كان السبب وقد يطلق ويراد به التهاون، أو التقصير الذي يتلبس به المكلف بمسئولية واختيار منه.

فالطفل أو المراهق الذي لم يبلغ سن البلوغ بعد، يوصف بأنه ناقص الدين، ولا يعني ذلك أنه يتحمل جريرة، أي: تقصير أو تهاون فيه، بل ربما كان كثير القيام بالواجبات والفرائض والنوافل سريعًا إليها، نشيطًا في أدائها، أكثر من كثير من الرجال البالغين، غير أنه يوصف مع ذلك بأنه ناقص دين؛ نظرًا إلى أنه لم يكلف بعد بشيء من مبادئه وأحكامه، فهو يوصف بنقصان الدين بالمعنى الأول.

والإنسان المتهاون بأوامر اللَّه وأحكامه، المستهتر بحدوده، يوصف أيضًا بنقصان الدين، ولكنه هنا يعني التقصير في الالتزام بمبادئ الدين بعزم منه واختيار، فهو يتحمل جريرة تقصيره والمسئولية المترتبة على نقصان دينه، فهو يوصف إذن بنقصان الدين بالمعنى الثاني.

إذا تبين هذا؛ فإن الوصف الذي به وصف اللَّه المرأة من النقصان في الدين، إنما يصدق بالمعنى الأول، فهو عليه الصلاة والسلام يعني: أن المرأة خفف اللَّه عنها بعض الوظائف الدينية، وأسقطها عنها، فهي لا تكلف بالصلاة أثناء المحيض، كما لا تكلف بها أثناء النفاس، ولا تكلف بقضاء شيء منها بعد ذلك.


(١) تحرير المرأة في عصر الرسالة (١/ ٢٨٥ - ٢٨٦).
(٢) المرأة بين طغيان النظام الغربي، ولطائف التشريع الرباني (١٧٧ - ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>