ولكن دون أن ينقص شيء من أجرها بسبب ذلك؛ إذ إن الأمر ليس عائدًا إلى تقصير منها، ولكنه عائد إلى تخفيف من اللَّه عنها.
والمرأة توصف في هذه الحال بأنها ناقصة دين، أي: ناقصة التكاليف الدينية، ومعاذ اللَّه أن يكون المعنى أنها مقصرة في دينها، إذ ليس لها أي اختيار في أمر فرضه اللَّه عليها.
ومن أوضح الأدلة على ما نقول أن البيان الإلهي قرر في أكثر من موضع من كتاب - اللَّه عز وجل- أن أجر الرجل والمرأة الملتزمين بدين اللَّه سواء، لا يعلو الرجل على المرأة ولا العكس، من ذلك قوله عز وجل:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}(آل عمران: ١٩٥).
فإن قلت: فكلام اللَّه هنا مشروط بالعمل الصالح، والمرأة ممنوعة في النفاس والمحيض من أهم الأعمال الصالحة وهو الصلاة، فلم يتحقق الشرط الذي أنيط به الأجر لكل من الرجل والمرأة.
فالجواب: أن الاستجابة لأوامر اللَّه سعيًّا لمرضاته، هي مصدر الأجر والثواب والاستجابة كما تكون بالأفعال الإيجابية، تكون أيضًا بالالتزامات السلبية، فالمرأة التي كلفها اللَّه بعدم القيام إلى الصلاة مدة المحيض، لا شك أنها تثاب على النهوض بهذا التكليف، ما دام قصدها الاستجابة لأمر اللَّه، فإحجامها عن الصلاة في هذه المدة، كقيام الآخرين إلى الصلاة في المدة ذاتها كلاهما مصدر مثوبة وأجر. ما دام كل منهما مندفعًا إلى اتخاذ الموقف الذي كلف به، تحقيقًا لأمر اللَّه، وسعيًا إلى مرضاته.
إذن فقد وصف اللَّه المرأة بواقع، لا تبعة عليها فيه، وليس فيها أي منقصة لها أو مسئولية عليها.