وظاهر هذه يمثل إشكالًا، فهذه كلها أحاديث صحيحة لا شك في شيء منها، قسم منها ينفي الشؤم مطلقًا بلا النافية للجنس، وقسم يثبته في هذه الأشياء الثلاثة: المرأة، الفرس، والدار، فكيف نفهم الأمور إذن؟
ومعلوم أن التعارض بين أدلة الشرع الصحيحة، إنما هو تعارض بين ظواهرها -وليس في حقيقتها- إذ إن الشريعة كلَّها تدور على أمور لا اختلاف فيها، ولا اضطراب، ولا تناقض، فكيف نفهم مجموع الأحاديث السابقة؟
والذي يظهر أن شؤم المرأة والدابة والدار ليس على ظاهره مما كان في الجاهلية، وإنما معناه عدم موافقة هذه الأشياء للإنسان، فشؤم الدار: ضيقها، وسوء جيرانها، وأذاهم.
ووجه الحصر في الثلاثة: هو بالنسبة إلى العادة، لا إلى الخلقة؛ لأنها لم تخلق شؤمًا في سوء أفعالهن، وما مسهن من الكوارث فيما كسبوه، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} (الشورى: ٣٠).
فالمرأة إذا كانت سيئة الخلق سليطة اللسان، ماذا نتوقع في معاشرتها لزوجها؟ لا شك أن زوجها سيعيش معها دائمًا في حال شجار وخلاف، وقد يترتب على هذا الخلاف شرٌ كبيرٌ من إضاعة المال وإهمال الرجل لعمله، وإتلاف أشياء من المنزل بسبب الغضب بينهما. . . إلخ.