للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة: المولَّدون، ويقال لهم المحدَثون، وهم مَنْ بعدهم إلى زماننا، كبشّار بن برد وأبي نُواس.

فالطبقتان الأوليان: يستشهد بشعرهما إجماعًا. وأما الثالثة: فالصحيح صحة الاستشهاد بكلامها.

وقد كان أبو عمرو بن العلاء، وعبد اللَّه بن أبي إسحاق، والحسن البصري، وعبد اللَّه بن شبرمة، يُلحَنون الفرزدق والكميت وذا الرُمَّة وأضرابهم، . . .، في عدة أبيات أخذت عليهم ظاهرًا؛ وكانوا يعدونهم من المولَّدين؛ لأنهم كانوا في عصرهم، والمعاصرة حجاب.

وقال ابن رشيق في العمدة: كل قديم من الشعراء فهو محدَث في زمانه بالإضافة إلى من كان قبله. وكان أبو عمرو يقول: لقد أحسن هذا المولَّد حتى لقد هممت أن آمر صبياننا برواية شعره -يعني بذلك شعر جرير والفرزدق- فجعله مولّدًا بالإضافة إلى شعر الجاهلية والمخضرمين. وكان لا يعدّ الشعر إلا ما كان للمتقدمين، قال الأصمعي: جلست إليه عشر حجج، فما سمعته يحتج ببيت إسلامي.

وأما الرابعة: فالصحيح أنه لا يستشهد بكلامها مطلقًا؛ وقيل يستشهد بكلام من يوثق به منهم، واختاره الزمخشري.

واستشهد الزمخشري أيضًا في تفسير أوائل البقرة ببيت من شعره، وقال (١): وهو إن كان محدثًا لا يستشهد بشعره في اللغة فهو من علماء العربية، فأجعل ما يقوله بمنزل ما يرويه. ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيت الحماسة، فيقنعون بذلك لوثوقهم بروايته وإتقانه. اهـ

واعتُرِض عليه بأن قبول الرواية مبني على الضبط والوثوق، واعتبار القول مبنيٌّ على معرفة أوضاع اللغة العربية والإحاطة بقوانينها، ومن البيّن أن إتقان الرواية لا يستلزم إتقان الدراية. وفي الكشف أن القول رواية خاصة، فهي كنقل الحديث بالمعنى.

وقال التفتازاني في القول بأنه بمنزلة نقل الحديث بالمعنى: ليس بسديد؛ بل هو بعمل


(١) الكشاف للزمخشري ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>