للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنَّ (إنَّ) في قوله تعالى: (إنَّ الذين آمنوا) ليست هي (إنَّ) الناسخة، التي تنصب المبتدأ وترفع الخبر، بل هي بمعنى: نعم؛ يعنى: حرف جواب، فلا تعمل في الجملة الاسمية لا نصبًا ولا رفعًا، وعلى هذا فالذي بعدها مرفوع المحل؛ لأن (الذين) اسم موصول، وهو مبنيٌّ في محل رفع، وكذلك (الصابئون) فإنه مرفوع لفظًا، مفرده (صابئ).

وقد استعملها العرب كذلك؛ قال قيس بن الرقيات:

برز الغواني من الشباب ... يلمنني، وآلو مُهُنَهْ

ويقلن شيبٌ قد علاك ... وقد كبرتَ، فقلت إنَّهْ. (١)

أي فقلت: نعم.

وعلى هذا فإن كلا من (الذين) و (الصابئون) و (النصارى) أسماء مرفوعة، فلا خطأ في الآية.

والواقع أن ما ذهب إليه البصريون، هو أقوى ما أورده النحاة في توجيه رفع: (الصابئون) في هذه الآية الكريمة.

وتبقت آراء دون رأي البصريين في الحجة، منها:

- أن يكون (الصابئون) عطفًا على المضمر المرفوع في (هادوا)، و (هادوا) بمعنى: تابوا. (٢)

- أن (الصابئون) عطف على الصلة بحذف الصدر أي: الذين هم الصابئون، ولا يخفى بعده. (٣)

- أنه منصوب بفتحة مقدرة على الواو والعطف حينئذ مما لا خفاء فيه، واعترض بأن لغة بلحارث وغيرهم -الذين جعلوا المثنى دائمًا بالألف نحو: رأيت الزيدان ومررت بالزيدان، وأعربوه بحركات مقدرة- إنما هي في المثنى خاصة، ولم ينقل نحو ذلك عنهم في الجمع. (٤)


(١) الكتاب لسيبويه ١/ ٤٧٥.
(٢) قال ابن الأنباري: وهذا الوجه ضعيف، لأن العطف على المضمر المرفوع قبيح؛ الإنصاف ١/ ١٩٠، وقد نُقل ذلك عن الكسائي، وخطأ الزجاجُ هذا التوجيه.
(٣) روح المعاني للآلوسي ٦/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٤) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>