قريب "أو على الشرط المقدر بـ "إن أخرتني" هو توجيه سديد، وقد سبق إلى القول به علمان من أئمة النحو، هما الخليل وسيبويه.
والذي سوَّغ إيثار عبارة التمني: "لولا أخرتني" على الشرط الصريح "إن أخرتني" - أن قائل هذه العبارة يقولها في ساعة يملكه فيها اليأس من التأخير وهى ساعة حضور الموت، والتمني كما نعلم يستعمل في طلب المحال أو المتعذر، أما الشرط فيستعمل في الأمور التي لا استحالة فيها ولا تعذر.
فهو إذن من تبادل الصيغ وإحلال بعضها محل بعض لداعٍ بلاغيِّ، وقرين إرادة الشرط من عبارة التمني هو جزم الفعل: "أكن" وسره البلاغي أن من حضرته الوفاة وهو مقصر في طاعة اللَّه تدفعه شدة الحاجة التي نزلت به إلى طمعٍ من نوع ما هو مستحيل أو متعذر الوقوع، ومما تقدم يظهر لنا استقامة العبارة القرآنية وبُعْدُها عن كل خلل، ووفاؤُها بالمعنى المراد نحوًا وبيانًا.