[٤] وهكذا تكسو الإنسان مجموعةٌ من الجلد وليس جلدٌ واحد، سواء من حيث المكان (على سطح الجسم)، أم الزمان (التبدل والتغير)، وهكذا، تظهر الإشارة العلمية بجلاء.
لقد عبر القرآن العظيم عن فقدان الجلد لتوصيل المؤثرات الواقعية عليه بلفظة (النضج)، والنضج علميًا هو (تجلط) أو (تخثر) بروتينات الألياف العصبية (في حالة حروق الدرجة الثالثة) نتيجة تعمق المؤثر وتغلغله إلى الطبقة تحت الجلدية، وذلك لشدته العنيفة.
ولما كان المقصود هو إذاقة العذاب للكافرين في جهنم استلزم هذا تجديد طبقات الجلد مرة أخرى ليشعر الإنسان بالألم، فإذا ازداد الإحراق، وتعمق أثره وتجلطت بروتينات الألياف العصبية السفلية؛ وفقد الإنسان القدرة على الإحساس بالألم تكرر تجديد الجلد بكافة طبقاته ليتكرر شعور الإنسان بالألم. . . وهكذا، وكما عبرت عنه الآية الخامسة والستين في سورة النساء بالضبط: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)}، والحكمة المقصودة هي:{لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}.
وهكذا يشير القرآن في هذه الآية إلى حقيقة علمية لم يتوصل العلماء إلى معرفتها إلا حديثًا، بعدما تقدمت علوم التشريح والأنسجة، واخترعت أجهزة التكبير والقياس، فالآية تشير إلى مراكز الإحساس في الجلد، وتشير إلى وجود البروتينات التي تتجلط بحرارة النار الشديدة.
وهذا ما توصل إليه العلم الحديث، فلقد اكتشف العلماء تغيرات وظيفية (فسيولوجية)
تطرأ على الجهاز التنفسي نتيجة لحروق الجلد العنيفة؛ مما يؤدي إلى اختلاف المعادلة الوظيفية التي تحكم نسبة التهوية/ التروية [Ventilation - perfusion ratio]
وكذلك فإن احتراق الجلد يسبب تلف القلب، ونلاحظ هذا في قول اللَّه تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)