للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب هذا القول، وكذلك مَنْ يحدد بأقل وبأكثر من ذلك هم لا يقولون: إن المتجاوز لما حددناه مقطوع في نفس الأمر أنه ليس لاحقًا له، يقولون: من الممكن أن يكون له، لكن نحن محتاجون أن نحد حدًا لئلا يضطرب علينا فنرتكب مفسدة ترك النادر مخافة الوقوع في أعداد كثيرة. هذا معنى ما يقولون، أو يقولوه لكنه هو لازم لهم وإن لم يلفظوا به.

والمسألة مسألة خلاف: منهم من يحدد بأربع، ومنهم من يحدد بسنتين، ومنهم من لا يحدد بحد بل يعتبر الأصل ولاسيما إذا لم يرد عليه ما ينفيه. وقد ذكر ابن القيم طرفًا في المسألة في كتابه (تحفة الودود)، وإلا فموجود مواليد تجاوزا أربع سنين علم وتحقق نسبتهم إلى من نسبوا إليه وذلك بتحقق الحمل ثم يتأخر، ووجد مولود أخذ أربعة عشر سنة. . . وُجِدَ تامة أسنانه (١).

وثمرة هذا الخلاف تظهر فيما يأتي: المُطلّقة طلاقًا بائنًا والمُتوفّى عنها زوجها إذا جاءت كل منهما بولد لسنتين فأقل ثبت نسبه اتفاقًا (٢)، لأن الوضع تم ضمن أقصى مدة الحمل عند الجميع، أما إذا جاءت بولد لأكثر من ذلك إلى أربع سنين فالجمهور على أنه يثبت نسبه وانقضت عدتها بناءً على أن الوضع ضمن أقصى مدة الحمل عندهم، ولا يثبت عند الحنفية أنها وضعت بعد أقصى مدة الحمل.

وفي المطلقة الرجعية ذكر الحنفية أنه يثبت نسب ولدها وإن جاءت به لأكثر من سنتين، ما لم تقر بانقضاء العدة لاحتمال الوطء والعلوق في العدة لجواز أن تكون ممتدة الطهر (٣).

قال الشنقيطي:

قال المصنف: أو دون أربع سنين منذ أبانها. هنا تحتاج إلى معرفة أقل مدة الحمل وأكثر مدة الحمل، فقد يطلق الزوج المرأة، ثم بعد شهر أو شهرين يتبين أنها حامل، وقد يتبين أنها


(١) الفتاوى الهندية (١١/ ١٣٣).
(٢) إلا عند الظاهرية وابن عبد الحكم كما سيأتي، فالمقصود بالاتفاق هنا اتفاق أصحاب المذاهب الأربعة إلا ما شذ منهم.
(٣) الموسوعة الفقهية (٢/ ٦٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>