أولًا: ومعنى الآية في سورة الفرقان هو: ألم تر إلى عجيب صنع ربك كيف جعل الظل ممتدًا منبسطًا على الأجسام؟ ولو شاء لجعله لاصقًا بكل مظلم، ثم جعل الشمس دليلًا على وجوده، فلولاها لما وقع ضوء على الأجرام ولما عُرف للظل وجود؛ لأن الأشياء إنما تعرف بأضدادها، ثم أزلنا الظل لا دفعة بل يسيرًا يسيرًا؛ فإنه كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الإظلال في جانب المغرب شيئًا بعد شيء، وفي القبض على هذا الوجه منافع جمة.
ثانيًا: أنه سبحانه لما خلق السماء والأرض ألقت السماء ظلها على الأرض ممدودًا منبسطًا، ثم خلق الشمس وجعلها دليلًا على الظل؛ لأن الظل يتبعها كما يتبع الدليل في الطريق من حيث أنه يزيد بها وينقص ويمتد ويتقلص. . . ثم إن لقبض الظل معنيان:
(١) انتهاء الإظلال إلى غاية ما من النقصان بالتدريج.
(٢) قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه؛ وهى الأجرام المضيئة.
ثالثًا: ينتج الظل فيزيائيًا عندما تسقط الأشعة على حائل فتنخفض إضاءته على مسقطه عنها على ما يحيط به، وهو كما عبر عنه صاحب (غرائب القرآن): أمر وسط بين الظلمة الحالكة والضوء الخالص. ويتغير الظل طولًا وقصرًا بعكس اتجاه دوران مصدر الإضاءة، ويتغير في الطبيعة من يوم لآخر خلال أيام السنة، ومن وقت لآخر، ومن مكان لآخر على سطح الأرض، والسبب في هذا هو دوران الأرض حول محورها مرة كل يوم خلال حركتها الدورانية حول أمها الشمس، والتي هي الأخرى تدور حول نفسها في مدار مائل، وبِتَغَيُّر حركة الشمس الظاهرية تتغير حركة الأشعة الضوئية الساقطة، ويتبع هذا تغير ظلال الأشياء؛ أي: أنها لا تبقى ساكنة أو دائمة على حالها.
وهكذا يستمر الظل في حركة وتغير ما دامت الشمس مستمرة في حركة ودوران، وما
(١) رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة (المصدر/ موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مقالة: الظل الممدود له حدود.