دام الضوء المنبعث منها يسير بسرعة هائلة (مقدارها ثلاثمائة ألف كيلومترًا في الثانية تقريبًا)، ولولا هذه السرعة لما تحددت معالم ظلال الأشياء، ولا يبقى الظل أو يسكن إلا بسكون الأرض؛ أي: توقفها عن الدوران، ولو حدث هذا لاختل توازنها في دورانها حول أمها الشمس، ولارتطمت بسطح هذه الشمس، وبهذا تكون نهايتها. . .
ويظهر الظل أيضًا في ظاهرة كسوف الشمس، عندما يوجد القمر (وهو محاق تمامًا) على الخط الواصل بين الأرض والشمس، فيحجب قرصها لمدة ثماني دقائق على الأكثر، وينتهي الكسوف بتفاوت حركة القمر في مداره حول الأرض وبحركة الشمس في مدارها الظاهري حول الأرض، ويمر القمر أيضًا في دورانه في مخروط ظل الأرض لفترات أطول خلال خسوفه حين يوجد في حالة الاستقبال.
وإذا كنا قد عرضنا اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وإيلاجهما في بعضهما وغير هذا وذاك في موضع آخر من الحلقات الحالية فإن الاختلاف في طولي الليل والنهار هو الأساس أيضًا في تغيير الظل بالزيادة والنقصان كلٌّ على حساب الآخر، ولا بأس من ذكر أجزاء من الآيات القرآنية ذات الصلة بالموضوع: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)} (يونس: ٦)، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}(المزمل: ٢٠)، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}(الحديد: ٦).
رابعًا: ويلاحظ أن الظل إذا كان في حركة دائمة وامتداد وانكماش أمام مصدر ضوئي ثابت عبَّر القرآن عنه تعبيرًا بليغًا بكلمة: (دليل)(في الفرقان: ٤٥) (Reference Point) أي: نقطة إشارة، أو نقطة مصدر مرجعي مضيئة، فالتفكير المنطقي يهدي صاحبه إلى أن الظل إذا كان فوق جسم ما يتحرك باستمرار أمام نقطة دليل مضيئة ثابتة، فهناك إذن حركة بذلك الجسم، وهكذا تدل الآية على حركة كل من الأرض والشمس لامتداد الظل وانقباضه؛ وهى الظاهرة التي أشارت إليها الآية القرآنية المحورية في هذا الموضوع فوائد جمة نذكر أهمها فيما يلي: