قال ابن كثير:{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} هذا الضمير عائد على جنس الإنسان، كما قال في الآية الأخرى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨)} (السجدة: ٧ - ٨) أي: ضعيف، كما قال: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١)} يعني: الرحمُ مُعَد لذلك مهيأ له {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)} (المرسلات: ٢٢ - ٢٣) أي: إلى مدة معلومة وأجل معين حتى استحكم وتنَقَّل من حال إلى حال، وصفة إلى صفة؛ ولهذا قال هاهنا:{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} أي: ثم صَيَّرنا النطفة وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل -وهو ظهره- وترائب المرأة -وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى الثندوة- فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة. قال عكرمة: وهي دم.
{فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} وهي قطعة كالبَضعة من اللحم، لا شكل فيها ولا تخطيط، {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} يعني: شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها. وقرأ آخرون:{فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} قال ابن عباس: وهو عظم الصلب.
وفي الصحيح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا