للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عطاء: {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في التوحيد والمعرفة (١).

فيحكي اللَّه قول الهدهد: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (النمل ٢٥: ٢٦).

قال مكي: المماثلة في أنها تعرف اللَّه وتعبده (٢).

وقال الطيبي: أَيْ: أَمْثَالكُمْ في كَوْنهَا دَالَّة عَلَى الصَّانِع وَمُسَبِّحَة لَهُ.

قال عماد الدين السمان: نعلم أن كل خلق اللَّه من الجماد، والنبات، والحيوان هو عابد للَّه، مسبح له أكثر من البشر أنفسهم {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (الحج: ١٨).

هذا في الأجناس التي أعلمنا اللَّه بوجودها، وكذلك كل ما خلق اللَّه مما لا نعلم عنه وعن وجوده شيء في السموات والأرض هو مسبح وعابد للَّه عز وجل: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} (مريم: ٩٣)، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} (الإسراء: ٤٤). . . ولكن ما أبعد مهام البشر عن مهام الملائكة، وتكاليف البشر عن تكاليف الملائكة وواجبات البشر عن واجبات الملائكة، وكذلك الجن، والدواب، والشجر، وما لا تعلمون، حقًا لقد اشترك هؤلاء جميعًا في العبودية للَّه عز وجل ولكنهم لم يشتركوا في التكاليف، والمهمات، والواجبات، ولا في الحقوق، فاللَّه خلق لكل منهاجًا ومهمة تناسب مادة خلقه التي خلق منها، وتناسب الحكمة التي أراد اللَّه مِن خَلقِ كل نوع وجنس؛ بحيث تحقق


(١) معالم التنزيل ١/ ١٤١؛ (الأنعام: ٣٨)، وقال بذلك أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٥.
(٢) في تفسير الثعالبي ١/ ٥١٨؛ (الأنعام: ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>