وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو فيقل عدوه فيدركه الكلب، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعة القبل وسهولة المخرج فيدوم عدوها، ومن علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف فيعلم أن تحته جحر الأرنب فينبشه ويصطادها علما منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق، ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوبًا بين عينيه فينام بإحداها حتى إذا نعست الأخرى نام بها وفتح النائمة حتى إذا قال بعض العرب:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
ومن علم العصفور إذا سقط فرخها أن تستغيث فلا يبقى عصفور بجوارها حتى يجيء فيطيرون حول الفرخ ويحركونه بأفعالهم ويحدثون له قوة وهمة وحركة حتى يطير معهم، قال بعض الصيادين: ربما رأيت العصفور على الحائط فأومئ بيدي كأني أرميه فلا يطير، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئًا فلا يتحرك؛ فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي، ومن علم الحمامة إذا حملت أن تأخذ هي والأب في بناء العش وأن يقيما له حروفًا تشبه الحائط ثم يسخناه ويحدثا فيه طبيعة أخرى ثم يقلبان البيض في الأيام، ومن قسم بينهما الحضانة والكد فأكثر ساعات الحضانة على الأنثى، وأكثر ساعات جلب القوت على الأب، وإذا خرج الفرخ علما ضيق حوصلته عن الطعام فنفخا فيه نفخًا متداركًا حتى تتسع حوصلته، ثم يزقانه اللعاب أو شيئًا قبل الطعام وهو كاللبن للطفل، ثم يعلمانه احتياج الحوصلة إلى دباغ، فيزقانه من أصل الحيطان من شيء بين الملح والتراب تندبغ به الحوصلة فإذا اندبغت زقاه الحب، فإذا علما أنه أطاق اللقط منعاه الزق على التدريج فإذا تكاملت قوته وسألهما الكفالة ضرباه، ومن علمهما إذا أراد السفاد أن يبتدئ الذكر بالدعاء فتتطارد له الأنثى قليلًا لتذيقه حلاوة المواصلة، ثم تطيعه في نفسها ثم تمتنع بعض التمنع ليشتد طلبه وحبه، ثم تتهادى وتتكسل وتريه معاطفها، وتعرض محاسنها، ثم يحدث بينهما من التغزل، والعشق، والتقبيل، والرشف ما هو مشاهد بالعيان، ومن علم المرسلة منها إذا