للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستدعي الدجاج ويطلبهن طلبًا حثيثا؛ حتى تجيء الواحدة منهن فتلقطها وهو مسرور بذلك طيب النفس به، وإذا وضع له الحب الكثير فرقه هاهنا وهاهنا وإن لم يكن هناك دجاج؛ لأن طبعه قد ألف البذل والجود، فهو يرى من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام. وقيل لآخر: من علمك هذا التحيل في طلب الرزق ووجوه تحصيله؟ قال: من علم الثعلب تلك الحيل التي يعجز العقلاء عن علمها وعملها؛ وهي أكثر من أن تذكر، ومن علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفي أثره ويطلب عفي أثر مشيته بذنبه، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه فينفخ في منخريه؛ لأن اللبؤة تضعه جروا كالميت؛ فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك، ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع، ومن علم الأسد أن يخضع للبر ويدلس له إذا اجتمعا حتى ينال منه له، ومن عجيب أمره أنه إذا استعصى عليه شيء من السباع دعا الأسد فأجابه إجابة المملوك لمالكه، ثم أمره فربض بين يديه فيبول في أذنيه، فإذا أراد السباع ذلك أذعنت له بالطاعة والخضوع، ومن علم الثعلب إذا اشتد به الجوع أن يستلقي على ظهره ويختلس نفسه إلى داخل بدنه حتى ينتفخ فيظن الظان أنه ميتة، فيقع عليه فيثب على من انقضى عمره منها، ومن علمه إذا أصابه صدع أو جرح أن يأتي إلى صبغ معروف فيأخذ منه ويضعه على جرحه كالمرهم، ومن علم الدب إذا أصابه كلم أن يأتي إلى نبت قد عرفه وجهله صاحب الحشائش فيتداوى به فيبرأ، ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه؛ لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة؛ لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان وهي عالية فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق، فتأتي ما وسطها تضعه فيه فيكون كالفراش اللين والوطاء الناعم، ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر، ومن علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره، والذكر من الأنثى فيقصد الذكر مع علمه بأن عدوه أشد وأبعد وثبة، ويدع الأنثى على نقصان عدوها لأنه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطًا أو شوطين حقن ببوله؛ وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن،

<<  <  ج: ص:  >  >>