هذه العبارة؟ وهل يمكن أن نفهمها بأنها تعني فقط:(أقرب الأرض) كما فسَّرها المفسِّرون الأوائل رحمهم اللَّه تعالى أم أن هنالك معانٍ أخرى؟ وهل هنالك معجزة في هذه الآية الكريمة؟
ثانيًا: لقد تأملت هذا النص الكريم طويلًا واطلعتُ على تفاسيره فوجدتُ أن المفسرين يفسرون قوله تعالى: {أَدْنَى الْأَرْضِ} بأقرب الأرض؛ أي: أقرب أرض الروم إلى أرض العرب وهي أغوار البحر الميت؛ أي: المنطقة المحيطة بهذا البحر، انظر مثلًا تفسير الطبري أو تفسير ابن كثير لقوله تعالى:{غُلِبَتِ الرُّومُ}.
ولكن الذي لَفَتَ انتباهي هو أن عبارة:(أدنى الأرض) عامة وليست خاصة بأرض العرب؛ أي: أن القرآن في هذه الآية يطلق صفة (أدنى) على الأرض دون تحديد أرض معينة، ولذلك فقد فهم المفسرون أن الأدنى هو الأقرب بسبب أنهم لم يتصوّروا أن هذه المعركة قد وقعت في أخفض منطقة على وجه اليابسة.
وهذه هي عظمة القرآن؛ أن المعجزة تبقى مختفية قرونًا طويلة على الرغم من المحاولات الكبيرة لفهمها، إلا أن اللَّه تعالى يُظهرها في الوقت المناسب لتبقى آيات اللَّه مستمرة وقائمة إلى يوم القيامة، ولو أن المفسرين استطاعوا تفسير القرآن كله إذن سوف تتوقف المعجزة، واللَّه تعالى قد تعهّد بأنه سيرينا آياته وينبغي علينا ألا ننكرها، يقول تعالى:{وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}(غافر: ٨١).
ثالثًا: تأملتُ قوله تعالى عن المسجد الأقصى وهو مسجد يقع في مدينة القدس التي لا تبعد سوى عشرين كيلو مترًا عن منطقة البحر الميت حيث دارت المعركة؛ يقول تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)} (الإسراء: ١)، وبدأت التساؤلات: كيف يصِف اللَّه تعالى منطقة البحر الميت بأنها (أقرب الأرض)، ثم يعود ويصِف المسجد الموجود هناك بأنه (المسجد الأقصى) أي: الأبعد؟ !
ثم تأملتُ في الخرائط الجغرافية فوجدتُ بأن المنطقة التي وقعت فيها المعركة وهي التي