وتعليقًا على هذه النبوة يكتب (جبن): "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوة، لم تكن آية نبوءة أبعد منها وقوعًا، لأن السنين الاثنتي عشرة الأولى من حكومة (هرقل) كانت تؤذن بانتهاء الإمبراطورية الرومانية".
ولكن من المعلوم أن هذه النبوة جاءت من لدن من هو مهيمن على كل الوسائل والأحوال، ومن بيده قلوب الناس وأقدارهم، ولم يكد يبشر بهذه البشرى حتى أخذ انقلاب يظهر على شاشة الإمبراطورية الرومانية، ويرويه (جبن) على النحو التالي:
"إنها من أبرز البطولات التاريخية تلك التي نراها في (هرقل) فقد ظهر هذا الإمبراطور غاية في الكسل، والتمتع بالملذات، وعبادة الأوهام في السنين الأولى والأخيرة من حكومته، كان يبدو كما لو كان متفرجًا أبله، استسلم لمصائب شعبه، ولكن الضباب الذي يسود السماء ساعتي الصباح والمساء يغيب حينًا من الوقت لشدة شمس الظهيرة، وهذا هو ما حدث بالنسبة إلى هرقل، فقد تحول (أرقاديوس القصور) إلى (قيصر ميدان الحرب) فجأة، واستطاع أن يستعيد مجد الروم خلال ست حروب شجاعة شنها ضد الفرس، وكان من واجب المؤرخين الروم أن يزيحوا الستار عن الحقيقة تبيانًا لأسرار هذه اليقظة والنوم، وبعد هذه القرون التي مضت يمكننا الحكم بأنه لم تكن هناك دوافع سياسية وراء هذه البطولة، بل كانت نتيجة غريزة (هرقل) الذاتية، فقد انقطع عن كافة الملذات، حتى إنه هجر ابنة أخته (مارتينا) التي تزوجها لشدة هيامه بها رغم أنها كانت محرمة عليه".
(هرقل) ذلك الغافل الفاقد العزيمة وضع خطة عظيمة لقهر الفرس، وبدأ في تجهيز العدة والعتاد، ولكن رغم ذلك كله عندما خرج هرقل مع جنوده بدا لكثيرن من سكان (القسطنطينية) أنهم يرون آخر جيش في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية، وكان هرقل يعرف أن قوة الفرس البحرية ضعيفة، ولذلك أعد بحريته للإغارة على الفرس من الخلف، وسار بجيوشه عن طريق البحر الأسود إلى (أرمينيا)، وشن على الفرس هجومًا مفاجئًا في