للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحامل إذا دخلت شهرها ففي آية لحظة ولدت كان تمامًا (١).

أما القرآن الكريم فقد حدد المدة الكاملة التي خلق اللَّه بها السموات والأرض بستة أيام من أيامه سبحانه، وحدد كذلك المدة التي خلق اللَّه بها السموات والأرض الأولية بيومين والمدة التي هيأ بها الأرض بأربعة أيام، وكما ذكرنا فيما سبق أن أيام اللَّه كما أكد على ذلك القرآن الكريم ليست كأيام البشر، فاللَّه لا يحده زمان ولا مكان ويُقدِّر زمن الأحداث والوقائع بما شاء من مقادير، فقد يكون طول بعض أيامه ألف سنة من أيامنا التي نعدها كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (الحج: ٤٧)، وقد يكون طول بعض أيامه خمسين ألف سنة كما في قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)} (المعارج: ٤)، وقد يكون طول بعضها ملايين أو ربما بلايين السنين كما هو الحال مع طول الأيام التي خلق اللَّه بها هذا الكون، ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم هو أول من تحدث عن نسبية الزمان والمكان، فإذا كانت مدة الخمسين ألف سنة يراها البشر زمنًا طويلًا فإنها عند اللَّه زمن قصير، وعندما يسأل اللَّه البشر يوم القيامة عن مدة مكثهم في الأرض يكون جوابهم: أنه يوم أو بعض يوم، وذلك بعد أن يتحرر البشر من أَسْرِ أُطِرِ المكان والزمان التي كانوا يعيشون فيها على الأرض كما جاء ذلك في قوله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (١١٣) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (المؤمنون: ١١٢ - ١١٤).

ولكي نتمكن من استيعاب الأرقام الكبيرة التي حدد بها العلماء عُمر هذا الكون والتي تقاس ببلايين السنين ومقارنتها مع الأيام المذكورة في الآيات القرآنية لا بد لنا من قبول حقيقة أن أيام الخلق الستة لم تنتهي بعد، فهذه الأيام ليست كما يظن كثير من الناس أنها أيام قد مرت وانتهت بل هي أيام لا زال زمانها يجري، وهي إن كانت قد انتهت


(١) تفسير ابن أبي حاتم ٩/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>