للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(Shooting or Falling Stars)، ووفق ما سجلته المعاجم لا تميز لغةُ العرب بين النجم والكوكب، بينما ميز القرآن الكريم بينهما على نحو يتفق مع الواقع كما في المصطلح العلمي الحديث، ووصف القرآن الكريم الشهب بالتوهج بلفظ (مصابيح) على نحو يتفق مع كونها ظاهرة ضوئية؛ قال تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)} (فصلت: ١٢) وقال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} (الملك: ٥) ومرد الإشكال إلى الفهم بأن الشهب المعبر عنها في الآيتين الكريمتين تشبيهًا بالمصابيح لتوهجها هي النجوم الثوابت، ولكن المحققين قد دفعوا هذا الوهم وقالوا بأن النجوم ثوابت في مواقعها لا ينقص عددها، وإنما المراد هو الشهب دونها كما صرح بذلك القرآن الكريم نصًا.

قال الخازن: ليس المراد أنهم يرمون بأجرام الكواكب.

وقال ابن عاشور: والذي جُعل رُجومًا للشياطين هو بعض النجوم التي تبدو مضيئة، ثم تلوح منقَضَّة؛ وتسمى الشُهُب (١).

وقال الرازي: هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض بدليل أنا نشاهد حركتها بالعين. (٢)

وقال: ولو كانت هذه الشهب هي تلك الكواكب الحقيقية لوجب أن يظهر نقصان كثير من أعداد كواكب السماء، ومعلوم أن هذا المعنى لم يوجد البتة؛ فإن أعداد كواكب السماء باقية في حالة واحدة من غير تغير البتة، فهذه الشهب جنس آخر غير الكواكب. . . فالضمير في قوله: {وَجَعَلْنَاهَا} عائد إلى المصابيح، فوجب أن تكون تلك المصابيح هي الرجوم بأعينها.

فإن هذه الشهب غير تلك الثواقب الباقية، وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا


(١) التحرير والتنوير (١٥/ ٢٠٣).
(٢) مفاتيح الغيب (١٥/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>