وهي الرجوم ولكونها بواسطة تسخين الكواكب للأرض قال سبحانه:{وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا} على التجوز في إسناد الجعل إليها أو في لفظها، ولا يخفي أن كرة النار مما لم تثبت في كلام السلف ولا ورد فيها عن الصادق -عليه والصلاة والسلام- خبر، وقيل: يجوز أن تكون المصابيح هي الشهب وهي غير الكواكب وزينة السماء بالمصابيح، لا يقتضي كونها فيها حقيقة إذ يكفي كونها في رأي العين كذلك، وقيل: يجوز أن يراد بالسماء جهة العلو وهي مزينة بالمصابيح والشهب كما مزينة بالكواكب. وتعقب هذا بأن وصف السماء بالدنيا يبعد إرادة الجهة منها، وتعقب ما قبله بأن المتبادر أن المصابيح هي الكواكب ولا يكاد يفهم من قوله تعالى:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}(الصافات: ٦)، وقوله سبحانه:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}(الملك: ٥) إلا شيء واحد، وأن كون الشهب المعروفة زينة السماء مع سرعة تقضيها وزوالها وربما دهش من بعضها مما لا يسلم، والقول بأنه يجوز إطلاق الكوكب على الشهاب للمشابهة؛ فيجوز أن يراد بالكواكب ما يشمل الشهب وزينة السماء على ما مَرَّ آنفًا زيد فيه على ما تقدم ما لا يخفي ما فيه، نعم. . يجوز أن يقال: إن الكوكب ينفصل منه نور إذا وصل إلى محل مخصوص من الجو انقلب نارًا ورؤي منقضًا ولا يعجز اللَّه -عزَّ وجلَّ- شيء، وقد يقال: إن في السماء كواكب صغارًا جدًا غير مرئية ولو بالأرصاد لغاية الصغر وهي التي يرمي بها أنفسها، وقوله تعالى:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}(الملك: ٥) من باب عندي درهم ونصفه، و {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا} (الصافات: ٦، ٧) الآية، إن كان على معنى: وحفظًا بها فهو من ذلك الباب أيضًا وإلا فالأمر أهون فتدبر.
واختلف في أن المرجوم هل يهلك بالشهاب إذا أصابه أو يتأذي به من غير هلاك، فعن ابن عباس: أن الشياطين لا تقتل بالشهاب ولا تموت ولكنها تحرق وتخبل أي يفسد منها بعض أعضائها، وقيل: تهلك وتموت، ومتى أصاب الشهاب من اختطف منهم كلمة قال للذي يليه كان كذا وكذا قبل أن يهلك.