أن يسوع لم يعترض على دعوى الشيطان بسيادته على هذا العالم، ولكن سيأتي الوقت، في نهاية الأزمنة، فيه يقبل (إنسان الخطية)، (الأثيم) هذا الملكوت من يد الشيطان (٢ تس ٢: ٣ - ٩، رؤ ١٣: ٤). وفي جهاد الشيطان لإثبات إرادته، فإنه يعمل بلا كلل لإحباط عمل اللَّه (أع ١٣: ١٠) وتتملكه رغبة عارمة في أن يكون موضع العبادة مثل اللَّه -عزَّ وجلَّ-، وقد بدت هذه الرغبة الطاغية في عرضه على المسيح أن يعطيه السلطة على كل ممالك العالم إن سجد له، وستتحقق للشيطان هذه الرغبة في أن يكون موضوع العبادة عن طريق (إنسان الخطية)(٢ تس ٢: ٩ - ١١ رؤ ١٣: ٤)، والدافع إلى الوثنية بانحرافها عن عبادة اللَّه الحقيقي، إنما هي قوى شيطانية (١ كو ١٠: ٢٠، مز ١٠٦: ٣٤ - ٣٨).
ويشغل الشيطان مركز قوة وسيادة في العالم الروحى، فنقرأ في أيوب (١، ٢) أنه جاء وسط (بنى اللَّه) مع أنه بطبيعته الأدبية ليس واحدًا منهم، كان له أن يمثل في محضر اللَّه، وهو امتياز سيحرم منه في يوم قادم (رؤ ١٢: ٩)، وكان في مركز عظيم حتى إن ميخائيل رئيس الملائكة وجد فيه عدوًا جبارًا (فلم يجسر أن يورد حكم افتراء)(يهوذا ٩).
ويكشف لنا العهد الجديد عن أن الشيطان يحكم مملكة الشر القوية بكل ذكاء وحنكة، فنرى الرب يسوع في دحضه للاتهام بأنه يخرج الشياطين بقوة، يبين سخف الاتهام لأنه يعني أن الشيطان قد (انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته؟ (مت ١٢: ٢٦)، فالشيطان لا يعمل بمفرده ولكنه يرأس مملكة منظمة جيدًا يقوم جنوده فيها بمسئولياتهم بتوجيه منه، فهو قائد هيئة ضخمة متضامنة من الكائنات الروحية هم (ملائكته)(مت ٢٥: ٤١، رؤ ١٢: ٧)، و (كرئيس سلطان الهواء)(أف ٢: ٢) يوجه بمهارة جيشًا منظمًا من الأرواح الشريرة في السماويات يأتمرون بأمره (أف ٦: ١٢). فالملائكة الساقطون الموالون للشيطان (رؤ ١٢: ٤ و ٧ و ٩) يحتفظون برتبهم وألقابهم ومراكزهم التي سمح لهم بها اللَّه.
ومهما كان أصل الأرواح الشريرة (أي: الشياطين) فمن الواضح أنهم يخضعون في ولاء كامل لحكم الشيطان (مت ١٢: ٢٨ و ٢٩)، ونرى في سفر الأعمال (١٠: ٣٨) أن انطلاق