للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ." (مرقس ٩/ ٣٢)، ويؤكد لوقا هذا بقوله: "٣٤ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، وَكَانَ هذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ.".

وإضافة إلى تناقض النصوص، فإن في خوف التلاميذ من المسيح وترددهم في سؤاله ما يدعو للعجب، فقد عرف عليه الصلاة والسلام بدمائة خلقه، وبتحببه لهم، حتى إنه غسل أرجلهم، وكثيرًا ما كانوا يسألوه، فِلمَ لم يسألوه في هذا الأمر الخطير؟

٢ - ذكر الإنجيليون الثلاثة الذين ذكروا الخبر بأن المسيح سيقوم في اليوم الثالث (انظر متى ١٧/ ٢٣، مرقس ٩/ ٣٢، لوقا ١٨/ ٣٣)، وهذا لم يحصل، بل مكث ما لا يزيد بحال عن ليلتين ويوم.

٣ - ومما يدل على عدم صحة التنبؤ بالصلب والقتل: فرار التلاميذ، وفيهم بطرس الذي قال له المسيح: "٣٢ وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ". ٣٣ فَقَال لَهُ: "يَارَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى المَوْتِ! "." (لوقا ٢٢/ ٣٢ - ٣٣)، فدل هذا على معرفتهم بأن المأخوذ غيره، كما قد عرفوا ذلك فهربوا، وقد قال عنهم المسيح: "الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ الْهَلَاكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ." (يوحنا ١٧/ ١٢).

ثم بعد ذلك ولأن أمر المصلوب لا يهمهم وقد عرفوا بنجاة سيدهم لم يهتموا بمتابعة المصلوب وهو على الصليب، أو في أثناء المحاكمة، إلا ما جاء عن بطرس ويوحنا وبعض النسوة.

٤ - كما تذكر الأناجيل دليلًا آخر يشهد على عدم صحة هذه النبوءات المتنبئة بصلب المسيح، بل تدلل على أن المسيح تنبأ بنجاته، وأن التلاميذ فهموا منه ذلك قول مرقس أن المسيح قال لتلاميذه: ": "إِنَّ كُلَّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذ اللَّيْلَةِ" (مرقس ١٤/ ٢٧).

هذا ولا تذكر الأناجيل شيئًا عن شك التلاميذ، سوى ما ذكرته عن بطرس الذي أنكر المأخوذ ثلاث مرات ليلة المحاكمة، وأما الآخرون فصمت مطبق، فكيف شك التلاميذ؟

لقد شك التلاميذ في المسيح وهم يرون المأخوذ من البستان (يهوذا) وقد قبض عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>