للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن فقد أعلمهم عيسى أن الله سوف يتوفاه إليه أي يستخلصه وينقذه منهم ويرفعه إليه، أما الشخص الذي ستقبضون عليه، وتهينونه، فعندما ترفعونه على الصليب فسوف تفهمون أني أنا هو هذا الشخص المعلق: "مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. "وهو فهم خاطئ، لأني سأغلب العالم" وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالمَ"." (يوحنا ١٦/ ٣٣)

فلن تتمكنوا مني، وهذه هي إرادة الله "٢٩ وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ". (يوحنا ٨/ ٢٩).

واللغز المحير هو: هل المقصود بقوله "مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ" هو يسوع؟ الإجابة: لا، للأدلة الآتية:

١ - لو كان يقصد نفسه لما تكلم عن نفسه بصيغة الغائب.

٢ - ثم إن قوله هذا الذي قاله هو نبوءة، بمعنى يجب أن تتحقق، فهل لو كان هو الذي علق على الصليب لكان إلهًا تافهًا كاذبًا، فقد تحدى اليهود وأخبرهم أنه سوف يغلبهم ويغلب العالم كله. فهل بعد كلامه هذا تغلبه شرذمة قليلة من اليهود؟

وأيضًا لا يمكن أن يكون رسولًا؛ لأن الرسول لا يخبر إلا الصدق ويتكلم بما يوحي إليه، فكيف يتحداهم رسول الله، بناء على تعليمات من الإله ثم يخدعه هذا الإله ويتركه يصلب؟

٣ - كما أنها نبوءة في المقام الأول، ولابد أن تتحقق، وإلا كان نبيًّا كاذبًا وحاشاه، وعلى ذلك فإن الذي فهمه اليهود كان خطأ، وماتوا في خطيتهم وهم يؤمنون أنهم صلبوا رسول الله، ولو سلمتم أن يسوع هو ابن الإنسان هنا، لانتفت عنه صفة الألوهية لقول الكتاب إن الله ليس كمثله أحد قط.

"١٩ لَيْسَ الله إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلَا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتكَلَّمُ وَلَا يَفِي؟ " (عدد ٢٣/ ١٩) "٩ هَلْ تَقُولُ قَوْلًا أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلهٌ؟ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لَا إِلهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ! " (حزقيال ٢٨/ ٩). "هكَذَا قَال السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>