فغلبه كان أفضل ممن لم يكن كذلك، والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم يقولون إنهم معصومون من الإقرار عليها (١).
وهو سبحانه وله الحمد لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة، وأما من ذكر الله تعالى وتبارك عنه ذنبًا كآدم - عَلَيْهِ السَّلَام - فإنه لما قال {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١، ١٢٢]، وقال: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)} [البقرة: ٣٧].
ومن احتج على امتناع ذلك بأن الإقتداء بهم مشروع والاقتداء بالذنب لا يجوز قيل له إنما يقتدي بهم فيما أقروا عليه لا فيما نهوا عنه كما أنه إنما يقتدي بهم فيما أقروا عليه ولم ينسخ ولم ينسه فيما نسخ وحينئذ فيكون التأسي بهم مشروعًا مأمورًا به لا يمنع وقوع ما ينهون عنه ولا يقرون عليه لا من هذا ولا من هذا وإن كان اتباعهم في المنسوخ لا يجوز بالاتفاق.
والذي أجمع عليه جمهور المسلمين من سلف الأمة وأئمتها في شأن الأنبياء أن الله يصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس والله أعلم حيث يجعل رسالاته فالنبي يختص بصفات ميزه الله بها على غيره وفي عقله ودينه واستعد بها لأن يخصه الله بفضله ورحمته، فالأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين وبعدهم الصديقون والشهداء والصالحون، فالنبي مع وقوع الذَّنْبَ الذي هو بالنسبة إليه ذنب وقد لا يكون ذنبا من غيره مع تعقبه بالتوبة والإستغفار لا يقدح في كون الرجل من المقربين السابقين ولا الأبرار ولا يلحقه بذلك وعيد في الآخرة فضلًا عن أن يجعله من الفجار.
فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما كان قبلها منقوصًا ولا مغضوضًا منه، بل هذا مفضل عظيم مكرم وبهذا ينحل جميع ما يوردونه من