للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده، ومنها:

١ - تقول التوراة: "وَأَكَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ المَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا المَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ." (خروج ١٦/ ٣٥)، فكاتب السفر أدرك انقطاع المنّ عن بني إسرائيل، وعرف أن مدة أكلهم للمنّ كانت أربعين سنة، وهو أمر لم يدركه موسى عليه السلام، فقد انقطع المنّ زمن يشوع وبعد وفاة موسى بزمن ليس بقليل، ففي سفر يشوع "١٠ فَحَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الجلْجَال ... فِي عَرَبَاتِ أَرِيحَا. ١١ وَأَكَلُوا مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ .. ١٢ وَانْقَطَعَ المَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ" (يشوع ٥/ ١٠ - ١٢). فكيف يتحدث موسى عن أمر حدث بعد وفاته، وذلك حين دخلوا الأرض المقدسة مع النبي يشوع، ومن المهم التنبيه إلى أن الخبر عن الماضي، وذلك في النص السابق في قوله "فحلَّ وأكلوا وانقطع المن في الغد عند أكلهم"، وليس إخبارًا بالغيب والمستقبل، لذا لا يمكننا أن نعتبره نبوءة من موسى عليه السلام. (١)

٢ - ثم إن سفر العدد يصف المنّ لقارئيه، فمن المؤكد أنه يحدثهم عما لم يروه، ومن العجيب أن ينسب هذا الوصف إلى موسى، إذ ما الذي يدعوه لوصف المنّ وطعمه وطريقة طهيه لمن يصنعه ويأكله من معاصريه، يقول السفر: "٧ وَأَمَّا المَنُّ فَكَانَ كَبِزْرِ الْكُزْبَرَةِ، وَمَنْظَره كَمَنْظَرِ المُقْلِ. ٨ كَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَلْتَقِطُوهُ، ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي الْقُدُورِ وَيَعْمَلُونَهُ مَلَّاتٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ." (العدد ١١/ ٧ - ٨) وانظر: (الخروج ١٦/ ٣١)، إنه شاهد آخر ببراءة موسى من كتابة هذه الأسفار. (٢)

٣ - ويذكر سفر العدد ما يُشعِر بأن الكاتب قد كتبه بعد جلاء بني إسرائيل من برية سيناء ودخولهم فلسطين فيقول: "٣٢ وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلًا يَحْتَطِبُ


(١) وانظر: الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف (٧٧).
(٢) هل العهد القديم كلمة الله؟ (٣٢ - ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>