ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة العبرانيين، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره.
إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح، وإثبات سلطانه في السماء، وخضوع الملائكة له، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض.
وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة! ! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.
وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيرًا في هذا السفر. يقول (كيس برسبتر الروم) ٢١٢ م: "إن سفر المشاهدات (الرؤيا) من تصنيف سرنتهن الملحد"، ومثله قاله ديونسيش من القدماء.
يقول لوثر:"إن هذا السفر لا يعلّم عن المسيح، ولا يشير إليه بوضوح، ولا يتضح فيه أنه من وحي الروح القدس".
وأما خلفه المصلح زونجلي فقد قال:"ليس لنا شأن بسفر الرؤيا؛ لأنه ليس سفرًا كتابيًا، فليس فيه طعم كتابات يوحنا .. وفي وسعي أن أرفضه".
ويعقب المفسر باركلي فيكتب:"وقد اشترك مع لوثر وزونجلي كثيرون".
كما نقل عن بعض المفسرين قولهم:"إن عدد الألغاز الموجودة في سفر الرؤيا يساوي عدد كلماته، وقال آخر: إن دراسة الرؤيا تصيب الإنسان بالخبل، أو إن الذي يحاول القيام بها مخبول". (١)
ويقول مدخل الرهبانية اليسوعية لهذا السفر: "لا يأتينا سفر يوحنا بشيء من الإيضاح عن كاتبه، لقد أطلق على نفسه اسم يوحنا، ولقب نبي، ولم يذكر قط أنه أحد
(١) تفسير العهد الجديد (سفر الرؤيا)، وليم باركلي، ص (٩).