الاثني عشر. هناك تقليد على شيء من الثبوت، وقد عثر على بعض آثاره منذ القرن الثاني، وورد فيه أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحنا .. بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على ذلك، وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك ... إن آراء المفسرين في عصرنا متشعبة، ففيهم من يؤكد أن الاختلاف في الإنشاء والبيئة والتفكير اللاهوتي تجعل نسبة الرؤيا والإنجيل الرابع إلى كاتب واحد أمرًا عسيرًا.
ويخالفهم مفسرون آخرون في الرأي، ويرون أن سفر الرؤيا والإنجيل يرتبطان بتعليم الرسول عن يد كتبة ينتمون إلى بيئات يوحنا في أفسس"، ويقول المفسر وليم باركلي في مقدمة تفسيره للسفر: "وليس من المحتمل أن يكون الكاتب رسولًا، فلو أنه كان رسولًا لوضع تبريره على هذه الحقيقة أكثر من تبريره على أنه نبي، ثم إنه يتكلم عن الرسل كأغراب عليه .. فإن هذا أسلوب شخص يؤرخ لفترة خدمة الرسل، بل إن عنوان السفر يوحي بهذه الفكرة، فهو "رؤيا يوحنا اللاهوتي" ولعل لقب "اللاهوتي" أي عالم اللاهوت قد أضيف إلى اسم يوحنا الكاتب ليميزه عن يوحنا الرسول.
ويقول ديوفيسيوس رئيس مدرسة الإسكندرية عام ٢٥٠ م: إن يوحنا كاتب الرؤيا لا يمكن أن يكون هو نفسه يوحنا كاتب البشارة، لأن الأسلوب اليوناني مختلف جدًّا بين الإثنين". (١)
وهكذا فالسفر لا دليل يثبت كتابة يوحنا له، وغاية ما يمكن قوله أنه كتب على يد كتبة مجهولين تربوا على يد يوحنا في أفسس.
ومما نقله المحققون في تكذيب نسبة الرسائل الكاثوليكية أو بعضها على الأقل تكذيب هورن لها، واحتج بعدم وجودها في الترجمة السريانية القديمة.
ويقول أوسابيوس: "قبل الجميع دون جدال أسفارنا المعروفة الآن ما خلا الرسالة إلى العبرانيين ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية وسفر الرؤيا ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة، فقد قبلها الجمهور، ولكن البعض شكّ فيها .. وأما رسالتا يوحنا
(١) تفسير العهد الجديد (سفر الرؤيا)، وليم باركلي، ص (٢١).