للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح.

والحقيقة الثانية: أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه، وينسجوا على منواله .. وتنشأ بشائر أخرى ... حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر. .. ولما رأت الكنيسة أن الأمر جدُّ خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها "بشائر أبو كريفية"، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت".

وينبه المحققون إلى أمر هام، وهو أن شيئًا من الأناجيل لم يكن يسمى إنجيلًا في الصدر الأول للنصرانية، إنما سميت "كاروزوتا" أي موعظة، وذلك باللغة اليونانية التي وجد بها ما سمي فيما بعد بالأناجيل.

وهذه الكتابات أطلق عليها القديس جوستين في منتصف القرن الثاني اسم "مذكرات الرسل". (١)

يقول مدخل الرهبانية اليسوعية متحدثًا عن تاريخ تدوين العهد الجديد: "ويمكن تأريخ إنجيل مرقس في السنين ٦٥ - ٧٠ م .. وأما إنجيل متى وإنجيل لوقا فلا تنعكس فيهما البيئات نفسها، لأنهما وُجها إلى بيئات أخرى، وقد وضعا بعد إنجيل مرقس بخمس عشر إلى عشرين سنة".

وقد بدأت في أواسط القرن الثاني حركة لتجميع كتاب مقدس للنصارى على غرار ما عند اليهود، وقد أثمرت ما بين أيدينا من أسفار العهد الجديد.

يقول المدخل الفرنسي للعهد الجديد: "لم يشعر المسيحيون الأولون إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين أهم ما عمله الرسل وتولي حفظ ما كتبوه، ويبدو أن المسيحيين حتى ما يقرب من السنة ١٥٠ م تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر إلا قليلًا جدًّا إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة، وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء


(١) انظر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب (٣٠ - ٤٤)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (١٠١ - ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>