للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قتيبة: وزاد قوم في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب وجه رجل آخر فقال: لا تضربه؛ فإن الله تعالى خلق آدم عليه السَّلام على صورته أي على صورة المضروب (١).

القول الرابع: أن الضمير يعود على آدم نفسه:

قال النووى في قوله (على صورته): هَذِهِ الرِّوَايَة ظَاهِرَة فِي أَنَّ الضَّمِير فِي (صورَته) عَائِد إِلَى آدَم، وَأَنَّ المُرَاد أنَّهُ خُلِقَ فِي أَوَّل نَشْأَته عَلَى صورَته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْأَرْض، وَتُوُفِّيَ عَلَيْهَا، وَهِيَ طُوله سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَلَمْ يَنْتَقِل أَطْوَارًا كَذُرِّيتِهِ، وَكَانَتْ صورَته فِي الجنَّة هِيَ صورَته فِي الْأَرْض لَمْ تَتَغَيَّر (٢).

وقال ابن حجر: وَاخْتُلِفَ إِلَى مَاذَا يَعُود الضَّمِير؟ فَقِيلَ: إِلَى آدَم، أَيْ خَلَقَهُ عَلَى صورَته الَّتِي اِسْتَمَرَّ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ أُهْبِطَ وَإِلَى أَنْ مَاتَ؛ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَظُنّ أنَّهُ لمَّا كَانَ فِي الجنَّة كَانَ عَلَى صِفَة أُخْرَى (٣).

وقال في قوله (سِتُّونَ ذِرَاعًا): وَهَذِهِ الرِّوَايَة تُؤَيِّد قَوْل مَنْ قَال إِنَّ الضَّمِير لِآدَم، وَالمعْنَى أَنَّ الله تَعَالى أَوْجَدَهُ عَلَى الْهَيْئَة الَّتِي خَلَقَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَنْتَقِل فِي النَّشْأَة أَحْوَالًا، وَلَا ترَدَّدَ فِي الْأَرْحَام أَطْوَارًا كَذُريَّتِهِ (٤).

وقال ابن منده: اختلف أهل التأويل في معنى هذا الحديث، وتكلموا على ضروب شتى، والأحسن أن الله تعالى خلق آدم على صورته، معناه: لم يخلقه طفلًا ثم صبيًّا ثم كهلًا ثم شيخًا، هو الأصح منها، وإنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الكلام أن الله - صلى الله عليه وسلم - خلق بني آدم على صورة آدم عليه السَّلام فإذا شتم أحد من ولده ومن يشبه وجهه فقد شتم آدم عليه السَّلام، فنهى عن ذلك (٥).


(١) تأويل مختلف الحديث (١/ ٦٥).
(٢) شرح النووي (٩/ ١٩٥).
(٣) فتح الباري (١١/ ٥).
(٤) فتح الباري (٦/ ٤٠٨).
(٥) التوحيد لابن منده (١/ ١٠٥ - ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>