للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ظَهْرِكَ؟ فَقَال هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ فَلَيُنْزِلَنَّ الله مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الحدِّ فَنزلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ الله يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالوا إِنَّهَا مُوجِبَةٌ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ فَمَضَتْ، فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَبْصِرُوهَا؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْإَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كتَابِ الله لَكَانَ لِي وَلهَا شَأْنٌ" (١).

وحتى لو ثبتت جريمة الزنا بالاعتراف وأقيم حد الرجم فإن هذا الزاني الذي يرجم لو طلب منهم التوقف عن ذلك لإدلاء ما عنده ما يدفع عنه فينبغي أن يوقف الرجم ويُسمع منه هل ما يقوله يعتد به أم لا؟

وقد صح أن ماعز بن مالك فرّ حين وجد مسّ الحجارة ومسّ الموت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلَّا ترَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبَ الله عَلَيْهِ" (٢)؟ . وفي رواية: "فلما وَجَدَ مَسَّ الحجَار صَرَخَ بِنَا يَا قَوْمُ رُدُّونِي إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ قَاتِلي فَلَمْ نَنزعْ عَنْهُ حَتَّى قتلْنَاهُ فَلَّما رَجَعْنَا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْبَرْنَاهُ قَال: "فَهَلَّا ترَكْتُمُوهُ وَجِتْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُوُل الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ" (٣).

وإذا وُجد أن أحد المسلمين له رغبة في الوقوع في هذه الجريمة أو ينوي فعلها فإنه ينصح ولا يؤخذ بنيته ولا يعاقب عليها.

ولقد استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - منهاجًا فريدًا في نصح الشاب الذي رغب في الزنا فأراد أن


(١) البخاري (٤٧٤٧).
(٢) أبو داود (٤٤١٨)، وقال الألباني: إسناده حسن على شرط مسلم، الإرواء ٧/ ٣٥٧.
(٣) أبو داود (٤٤١٩)، وقال الألباني: إسناده جيد، الإرواء ٧/ ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>