للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك لا غرابة أن يعترف أكثر من مستشرق: (أن سكان المدن وخاصة الصناع وأصحاب الحرف وأهل الطبقة العاملة قد رحبوا بالدين الإسلامي، واعتنقه عدد عظيم منهم في حماسة كبيرة) (١).

فهل دخلت بلاد فارس وما وراء النهر في الإسلام بالسيف أم عن اقتناع وإعجاب ومسالمة وأمن ومحبة فأخلصوا لهذا الدين عن صدق ومحبة خارقة جادة؟

ومما هو جدير بالذكر، أن هذه المنطقة قدمت للدين الجديد والحضارة العربية الإسلامية خدمة لا تقدر، فلقد أخلص أبناء هذه المنطقة لدين الفاتحين ولغتهم وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولعلوم الحضارة الجديدة، فهل نقبل أن من يقوم بمثل هذه الخدمة قد دخل مكرهًا في الإسلام؟ لو دخل مكرهًا لاستعمل عقله وفكره وقلمه ودواته لتخريب عقيدة الفاتحين ومحاربتها، ولكنهم كرَّسوا أنفسهم مخلصين لخدمة الحضارة الإسلامية فأفنوا حياتهم وهم في كل لحظة حريصون على أن يخدموا علوم الإسلام في كل مجالاتهم، فبرز من الأسماء الكثير، أسماء تحمل أسماء المدن في هذه المنطقة مثل: الطبري "المؤرخ والمفسر المشهور"، ابن خرداذبة "الجغرافي المعروف". الشهرستاني "صاحب الملل والنحل"، البخاري "المحدِّث الكبير"، وعشرات غيرهم من العلماء في كل الميادين العلمية مثل: أبو علي الحسين بن سينا، أبو بكر الرازي، أبو حنيفة الدينوري، أبو الريحان البيروني، محمد بن موسى الخوارزمي، أبو الوفاء البوزنجاني ...

فهل خدم هؤلاء الحضارة العربية الإسلامية عن إكراه أم عن قناعة وإعجاب، ثم عن تعلق وافتداء؟ .

٦ - المغول والتتر:


(١) الدعوة إلى الإسلام ص ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>