للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَنَا بَيِّنَةٌ قَال: فَيَحْلِفُونَ قَالوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاه مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ (١).

قال القرطبي في المفهم: فعل - صلى الله عليه وسلم - ذلك على مقتضى كرمه وحسن سياسته وجلبًا للمصلحة ودرءًا للمفسدة على سبيل التأليف، ولاسيما عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق.

وقال القاضي عياض: هذا الحديث أصل من أصول الشرع وقاعدة من قواعد الأحكام وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ جميع الأئمة والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة وفقهاء الأمصار من الحجازيين والشاميين والكوفيين وإن اختلفوا في صور الأخذ به (٢).

قال النووي عند شرحه لهذا الحديث: وفي هذا دليل لصحة يمين الكافر والفاسق واليهودي (٣).

١١ - ولو تتبعنا المعاهدات التي صدرت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجدنا فيها ضروبًا من التسامح والموادعة والمساواة، ومن هذه المعاهدات" إعلان دستور المدينة الذي اشتمل على سبع وأربعين فقرة منها ما يخص موادعة اليهود كما يأتي:

بند ٢٤ من المعاهدة - إن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

بند ٣١ من المعاهدة - وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يُوتِغُ إلا نفسه وأهل بيته.

بند ٣٧ - وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.

بند ٤٥ - وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصلحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك، فإن لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين.


(١) صحيح البخاري (٦٨٩٨).
(٢) فتح الباري ١٢/ ٢٣١ - ٢٥٣.
(٣) شرح مسلم ١١/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>